طيب العراقي
من المؤكد أن أصواتنا ستخبو وسط الضجيج، وقد نتحدث بلغة التفاؤل يوما، ونحن نتناسى ونرمي؛ ماضي حقبة الآلام والآثام البعثية الثقيل خلف ظهورنا، ونحبسه بين دفات الكتب التاريخية، لكن ذلك لن يحدث إلا حين نرى هذا الوطن يتنفس المساواة بين أبناء شعبه، وتعتلي آفاقه الحرية وكرامة العيش، ويعلو القانون ولا يعلى عليه، وحين ندري أن اجثتاث الداء من جذوره، خير من سياسة النعامة.
ستخبو أصواتنا، لكن ستعود إلى عهدها بعد هنيهة أخرى من الخيبات، ونتمنى أن لا تعود، لأن العراقيين يشعرون بالفزع، وهم يشاهدون ساستهم مختلفين حول قضية، سبق لهم وأن اتفقوا على أهميتها وضرورتها..!
في جميع الاحوال؛ يعمل الساسة على اللعب "على" و"بـ" جميع الأوراق، وفي لعبتهم هذه تخسر أوراق وتربح أوراق، ولكن ثمة ورقه وحيدة هي الخاسرة، إذ أن الورقة العراقية ،هي الورقة التي ستكون الثمن السياسي، الذي سيدفع لسداد استحقاقات غير عراقية!
في لُعبتهم أو لعبِهم، مارس الساسة الحوار بكل الأسلحة، بعضها فوق الطاولة، وبعضها تحت الطاولة، ما فوق الطاولة كان تناكفات ومعارضات، وشتائم وتسقيط لا أخلاقي، لبعضهم بعض نهارا، ينهونه في الليل، بتقبيل بعضهم بعض، في ولائم يقيمها بعضهم لبعض..!
هكذا هي حواراتهم فوق الطاولة، لكن تحت الطاولة؛ تراهم يتحاورون بأخس الأدوات وأقدمها، إنهم يتحاورون بالمؤامرات، يحيكها بعضهم لبعض شراكا، عل بعضهم يسقط في شرك؛ وتتكاثر عليه بعد ذلك السكاكين..ذلك هو حوارهم أو ديمقراطيتهم، التي صدعوا رؤوسنا بها.
إنها الديمقراطية العرجاء، أو الديكتاتورية المرصّعة بالذهب، لا تسمح بالمشاركة ولا بأخذ الرأي، إلاّ إذا كان الرأي متوافق عليه، والتوافق عملية معقدة جدا، لا تتم إلا بتنازلات متبادلة؛ بها رابح وخاسر، لكن الخاسر الأكبر في لعبة التوافق هو الشعب..فالرأي التوافقي يجب أن يتماشى؛ مع مصالح القوى السياسية ومع نفوذها، لا تقبل بالإرادة الشعبية، إلا إذا وافق هواها، إنها ظلامية وعودة إلى عصور الإقطاع، حيث يتعين على أبناء العشيرة، قبول رأي شيخ العشيرة وإحترامه؛ حتى ولو كان على خطأ.
فيما مضى من وقت جرت حوارات كثيرة؛ بين القادة السياسيين وبين أصواتهم، إذ أن بعضهم صوت لبعض! في نهاية الحوار؛ قدموا الشعب كهدية لكسب المواقع الحكومية، فهي "دجاج يبيض ذهبا"..ولم يكن بينهم من لم يشغل باله بالنظر إلى"الكرسي"..فكل منهم عينه عليه،واضعا على صدغيه "حنديري"!
النتيجة؛ أن الإحباط سيستمر، وأن إرادة الإتفاقات غير متوفرة، وأن وقتا إضافيا سنمضيه "نرفل" بعز الأزمة الراهنة وما ستليها من أزمات.
https://telegram.me/buratha