طيب العراقي
اثير في الصحافة الصفراء، وفي صفحات الفيسبوك الموبوءة بالتحريض على الكراهية، لغط مسموم حول قيام دائرة أمن الحشد الشعبي، بإغلاق عدد من المقرات الوهمية، التي تحمل أسماء لجماعات مسلحة، تدعي إنتمائها الى الحشد الشعبي.
الحشد الشعبي؛ هو اليوم مؤسسة عسكرية جهادية حكومية، تخضع لأوامر الدولة العليا، وتحديدا الى أوامر القائد العام للقوات المسلحة، ورتبت هذه المؤسسة؛ هيكليتها وأوضاعها الأدارية والمالية والقانونية، وفقا لعقيدتها القتالية، المبنية على ثنائية الوطنية والعقيدة؛ وبناءا على كونها جزء أساصسيا فاعلا؛ من منظومة الأمن الوطني العراقي.
لذلك فإن من حق الحشد، الذي يمتلك قاعدة بيانات متكاملة عن مؤسساته وأفراده، أن لا يسمح بوجود تشكيلات مسلحة، تدعي إنتمائها له وهي ليست كذلك، خصوصا أذا تبين أن هذه التشكيلات هي في الغالب قد شكلت خارج إطار الشرعية، وتمارس أعمالا تتنافى وتتقاطع؛ مع منظومة الأمن الوطني العراقية.
من البديهي أن للدولة وظائف محددة وفقا لدستور إنشائها، ويأتي في مقدمة تلك الوظائف، الأمن و صيانة الحريات، وسن التشريعات التي تخدم المجموع، ولا تتناقض مع حريات الأفراد والجماعات الإعتبارية.
الدولة وكي تحقق تلك الوظائف والمهام، لابد أن تبسط سيادتها على عموم الرقعة الجغرافية لها، وأداتها في ذلك فرض القانون والنظام على الجميع بلا استثناء، ولتحقيق سيادة الدولة وفرض نظامها، يتحتم أن تهيمن بأسلوب عادل، على كل المقيمين على أرضها، وأن تفرض عليهم القانون والنظام بلا إستثناء.
في هذا الصدد، لابد من عدم السماح بوجود سلطة أخرى موازية لسلطة الدولة، أو منافسة لها، و لها إشتراطاتها ومهامها الأخرى، وإذا ظهرت مثل هذه السلطة، فإن ذلك يهز شرعية الدولة، و يفقدها هيبتها، ويجعلها كيانا ضعيفا في نظر رعاياها، بسبب إختلال الأمن، وإنتهاك حريات الأفراد، وتصاعد التذمر الإجتماعي.
مع عدم الإخلال بمفاهيم العدالة، التي يتعين أن تتحلى بها الدولة دوما، فإن السلطة الموازية للدولة، تعمل وفقا لآليات غير قانونية، وتعد خارجة على النظام، مما يفتح الباب على مصراعيه لتحدي شرعية الدولة، وهدم السلم الإجتماعي، ويضع المجتمع والدولة، في وضع صعب قوامه، التناقض المضر والمهدد للجميع.
أن التهاون في مواجهة نقائض الدولة، يقودها إلى الفشل، ومن المؤكد أن مواجهة أي قوة لا تنصاع الى الدولة وسياساتها، خصوصا ما يتعلق بموضوعة الأمن، لا تتم بتبويس اللحى، أو بمهادنة الباغين، فتلك التشكيلات المسلحة تنطلق من موقف مناهض لدستور الدولة، وتتخذ من العنف منهجا، ولذلك يتحتم مواجهتها بآليات رادعة تمتلكها الدولة.
في المجتمعات المتعددة، لا يمكن لقوة مجتمعية أو سياسية، أن تفرض إرادتها على الجميع ، حتى لو استخدمت كل أدوات القوة والقسوة والقهر، لكن ماذا إذا عجزت الدولة عن حماية المجتمع، من سطوة جماعات العنف والعصيان والتمرد؟
لاشك أن المجتمع سيبحث لنفسه، عن وسائل يحمي نفسه وقيم العيش المشترك بها، وسيفرز قوى تتكفل بمواجهة المعتدي وردعه، ورغم ما يترتب على المواجهة، إلا أنها أهون من الإنصياع لإرادة نقيض الدولة، لأن ذلك سيقود إلى دمار المجتمع؛ مثلما يحصل في سوريا، أو في أحسن الأحوال إعاقة تطوره وتقدمه، مثلما يحصل عندنا هنا في العراق، بعدما تحولت الدولة الى ديناصور محنط..!
https://telegram.me/buratha