المقالات

تأبين بعد سنين ...!


عبد الكاظم حسن الجابري

 

تتبعثر الكلمات, ويخرس التعبير, ويحتار القلم, ويدمع الحبر, ويتلعثم اللسان, فأي الكلمات يقول, وأي خطب يصف, نعم يفقد البيان وقاره, لتنساب الكلمات عفوية, كأنها تخرج الروح معها .

ذكرى تمر, وخطب فضيع, ورزية ألمت بنا,ادمعت العيون, وأحرقت القلوب, لتكوينا بنيران الفقد, وأي فقد؟!

فقد ليس له وصف, ولا تحده العبارات, فهو الخسارة بمعناها الحقيقي, الخسارة الجامعة لكل شيء, فأن تفقد عالما, ومجاهدا, وقائدا, واخا حبيبا, وأبا حنونا, في أبشع حادثة تفقده, لهي الكارثة الكبرى والرزية العظمى.

إنه التاسع والعشرين من شهر اب, وفي اشرف بقعة, ألا وهي جوار أمير المؤمنين علي عليه السلام, وفي يوم مشرَّف "الاول من رجب", تنطلق رياح الشر, وتأتلف قوى البغي, من عتاة مردة, ومن منافقين, وإرهابيين,إجتمعوا ليخطفوا منا زهرة لم ننتشي بعبيرها, ولم نكتفي من جمال منظرها,إجتمعوا لينفذوا ابشع مجزرة, في اشرف البقاع, ليخطفوا منا الحكيم محمد باقر , الرجل العالم, والعالم العامل, ذاك الشخص الفذ, الذي حمل العراق وأهله, هما في قلبه, ليخلصه من أيدي بغاة العفلقية, وشرار الصدامية .

لا أريد هنا أن اترجم لحياتك ايها الحكيم, أو اذكر جهادك, فمهما كتبت فيك, فلن تفي كلماتي, حتى لو جف حبري وأُفْنِيَ ورقي, فحياتك ملؤها الجهاد والعمل والإيمان.

سيدي رحلت, لتترك قلوبنا الظمآى لك, تستعر بنار الفقد, سيدي يا أبا صادق, تركتنا ونحن بأمس الحاجة لك , رحلت عن عراقك التائق لعودتك, وأنت الذي كنت تحمله في قلبك, وتحبه أكثر ما تحب في هذا الوجود .

أي خطب أصف؟! وأي مُلِمَةُ أَلَمَتْ بِنا؟! أم ماذا أقول؟! وهل تسعفني الحروف لأَنظِم منها ما يتناسب وهول المصيبة؟! أم ما يوافيك حقك إن اردت أن أذكرك؟! نعم سيدي فلا وقار يبقى لنا بهذه المصيبة.

لقد تشتت عباراتنا, فصارت دامعة قبل أن ندمع , نحن حزانى, ووريقاتنا التي نوردها كلماتنا, باكية! وأيادينا كليلة أن تكتب ما يتناسب وهذا المصاب, فهو أعظم مما نقول ونكتب.

أتراءاك أيها الحكيم, وانت تخطب في الناس في مسير عودتكم, وكانت مشاعرك تسبقك, ودمعات عينيك المتلألئة على خديك تبل لحيتك الكريمة, وأنت تقول "اود أن أقبل أياديكم واحدا واحد" وتقول "أود أن أكون بينكم" , نعم أنهم العراقيون الذين حملت همهم, ها هم بين يديك,وكيف كنت تبادلهم تلك الكلمات الفائضة بمشاعر المحب المخلص والوفي, لهؤلاء المساكين, الذين رزحوا تحت وطأة ظلم البعثية, اتذكرك يا حكيم وأنت تقول " أنا جندي من جنود السيد السيستاني وأقبل أيادي جميع العلماء"

سيدي أبا صادق, كنت بهذه الروح المتواضعة, التي رسمت لنفسها نهج الأجداد, فنسبك الحسني, وسيرتك الحسينية, وشموخك العلوي, وخلقك النبوي, سموت لتخطف القلوب, لتهوى شخصك, حبا لله ليس لمصلحة أو ملك , التمسنا فيك بساطتك, ورأفتك, وحبك لنا, فأحببناك بكل جوارحنا .

سيدي تمر السنون سراعا, وها نحن نقف على اعتاب ذكرى رحيلك المتجددة, لكنما نستشعرك روحا توحي لنا, أن نلتمس سيرتك العطرة, وعطائك الرائع, يوم حملت فكر المقاومة الاسلامية, وشعار ثورتنا الإسلامية, التي تحترم كل طوائف الشعب العراقي , نستشعرك وأنت تلهم فينا حب عراقنا, ورؤيتك لمستقل هذا البلد, المضرج بدمائه, على طول تاريخه العريق.

لقد ناديت بكتابة الدستور, بأيدي عراقية وبانتخابات نيابية, ودعوت الى تأسيس قوات أمنية عراقية, وأن تبنى المؤسسة العسكرية بيد العراقيين.

كل مشاريعك هذه, وأطروحاتك, التي لم تأتي الا من شعور صميمي, ورؤية فاحصة لإحتياجات الشعب العراقي, أَلْهَمْتَنَا كل هذا, ونحن نعاهدك سيدي, إننا بدربك سائرون, نستنير بفكرك, ونستلهم عطائك, ونسلك مسارك, الذي أرسيت دعائمه, لمستقبل عراق جديد .

فرحمك الله سيدي أبا صادق, وسلام عليك يوم ولدت, ويوم أُسْتِشْهِدتَ, ويوم تبعث حيا, في الشهداء والصالحين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك