علي عبد سلمان
أتسائل دوما أين سيجد المواطن أمنه وآماله الاجتماعية والاقتصادية، في حال تتشظى فيه الدولة في قبلية سياسية ضاغطة إن لم تكن مفارقة لكل الممكنات الإيجابية؟!!
أقر في قرارة نفسي إننا نتعشق ممارسة الديمقراطية الحقيقية فنسعى اليها حبيا على ركبنا، وليست ديمقراطية التعددية السياسية المنفلتة، التي وصمت واقعنا السياسي والاجتماعي بخيباتها وبنكساتها، فأضحت شيئا لا يمكن توصيفه بأي من التوصيفات التي تعارف عليها علماء السياسة..
الديمقراطية الضبابية الراهنة هي التي أن عجز فرسانها عن تلبية مطالبها،..فباتت لا تتعدى هذا لك وهذا لي مع عدم الأتفاق على ما هو الـ (هذا) وما هو الـ (ذاك)!..
بعضهم يتخيل أن السياسة هي كيفية العيش في بستان أو مزرعة مباح للجميع قطف ثمارها، وهو تصور ناقص بل خاطيء تماما، فثمار البستان أولى بها من زرع النبتة التي أنتجتها، أولى بها من سقاها ومن تعهدها بالرعاية وأزال الأدغال التي تريد أن تخنقها فتنافسها على الماء والهواء ، أولى بها من سهر عليها يحرسها من اللصوص أن يقطفوها قبل أوان نضجها، أو من بات الليالي ببندقيته يحرس الحقل من الخنازير التي تعبث بالزرع..
هؤلاء هم الذين يقطفون أولى الثمار، وهم بالتأكيد يعرفون ما لهم وما عليهم لأن الزرع زرعهم والثمار ثمارهم...هؤلاء هم أهل الديمقراطية وهم بناتها وهم المدافعين عنها، وستثبت الأيام أن الزبد سيذهب جفاء...
لكن من المؤكد أن أصواتنا ستخبو وسط الضجيج حينا، وربما أحيانا، وقد نتحدث بلغة التفاؤل يوما ونحن نرمي هذا الماضي الثقيل خلف ظهورنا، ونحبسه بين دفات الكتب التاريخية، لكن ذلك لن يحدث إلا حين نرى هذا الوطن يتنفس المساواة بين أبناء شعبه، وتعتلي آفاقه الحرية وكرامة العيش، ويعلو القانون ولا يعلى عليه، حين ندري أن اجثتات الداء من جذوره خير من سياسة النعامة. ستخبو أصواتنا وسط الضجيج حينا، لكن ستعود خطاباتنا إلى عهدها بعد هنيهة أخرى من الخيبات، ونتمنى أن لا تعود....
إن أكثر ما يقلقنا كشعب اليوم، هو أن يقال أن من المستحيل التغيير من داخل هذا النظام، وان التحول السلس نحو الديمقراطية الحقة مستحيل على أيدي من كبلوا بولاءاتهم المذهبية والطائفية على حساب الولاء للوطن والمجتمع، وان لا حلول جاهزة اليوم...!
ليس كل ما يعرف يقال ، ولكن الحقيقة تطل برأسها..!
https://telegram.me/buratha