قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
انقل لكم وصفا لواقعة صغيرة بالتفاصيل؛ قصيرة ببلكنها تفضح نفاق من صفقوا للدواعش واحتضنوهم، وتكشف ايضا عن عمق وتمكن ثقافة الدواعش؛ في واقع مجتمعي يتعين قراءته بإمعان، لنعرف ما يتوجب علينا فعله في قادم الأيام.
مرت عائلة حررها الحشد الشعبي غرب الموصل، من أمام سيطرة للتدقيق الأمني والتفتيش، وبشكل عفوي رفع طفل من أطفال العائلة، لا يتجاوز الخامسة من عمره؛ أصبعا واحدا من أصابع يده البريئة، كتعبير عن الانتصار حسب ثقافة الدواعش..تلافت الام التي كانت تحتضن الطفل الموقف، برفع اصبعه الثاني لترسم علامة النصر المعروفة..!
يكشف هذا عن أننا إزاء جيل بل أجيال؛ تشبعت عقولهم بثقافة القتل والارهاب؛ وأن علينا أن نتعامل بمسؤولية، مع حقيقة أننا نستطيع تحرير الارض من داعش؛ ولكن سيعقب ذلك سؤال كبير؛ هو هل أننا نمتلك الارادة والرغبة، لتحرير التراث والانسان؛ من ثقافة الدواعش؟!
محاربة داعش عسكريا فقط لن تقضي على هذا التنظيم القروأوسطي، بل يتعين وبكل مقاييس الضرورة؛ وبدرجة اكثر أهمية؛ أن ترافق المعركة العسكرية، معارك أكبر وأكثر ضراوة؛ هدفها محاربة الثقافة الداعشية السوداء، المتمددة بلا حدود، في عالمنا الإسلامي والعربي، تلك الثقافة الوسخة التي يجسدها العقل المخرف المريض؛ المنتشر في منازل ومدارس، ومؤسسات وحارات وجوامع؛ المكون الذي أنتج وأحتضن الثقافة الداعشية، طيلة خمسة عشر قرنا.
ونحن على أعتاب إنتصار عسكري؛ في فصل من فصول المعركة مع دواعش اليوم، علينا أن نقبل حقيقة انه؛ لن يكتب لأي إنتصار عسكري الدوام والثبات، طالما أن الثقافة التي تدعي انها هي الفرقة الناجية، وان كل الاخرين انجاس كفار مجرمين اعداء الله، ماتزال مستحكمة في عقول القوم، بل يعدونها الركن الأساسي في منظومتهم الإيمانية.
ثقافة دواعش اليوم؛ التي تدعي انها تمتلك الحقيقة ومعها مفاتيح الجنة، هي إمتداد طبيعي لثقافة دواعش الماضي، ولذلك ترى هذه الثقافة الظلامية؛ أن العودة للماضي هو الخلاص، وأن الماضي بكل تفاصيله؛ هو مفتاح المستقبل؛ "أصحابي كالنجوم أيهم أقتديتم إهتديتم"..مع أن فيهم الفاسق عبد الله بن أبي، والطريد مروان بن الحكم، والفاجر "الخليفة"؛ يزيد بن "كاتب الوحي" و"خال المؤمنين" معاوية.
ثقافة الوهابيين الدواعش تُنَشيء الفرد تكفيريا، على كتب الوهابية وإبن تيمية؛ وكتب دعاتهم عبر الاجيال، التى جعلت من تكفير وقتل وذبح الاخر؛ طريقا لرضى الله ونيل الجنة والحوريات؛ هنا مربط الفرس وهذا هو مصنع تفريخ الدواعش.
يقول الداعية الوهابي السعودي صالح جرمان الرويلي، وهو يحرض الأتباع الى ما يسمونه بـ"الجهاد" في العراق والشام، متحدثا عن ما سيناله "الشهيد"، من جوائز في الجنة الموعودة: أول عناق لك في الجنة مع حوريتك، سيطول سبعين سنة، وبين كل عناق وعناق ستشرب قارورة من خمر الجنة، والقارورة في مقياسنا الحالي تساوي "تنكر"...!
كلام قبل السلام: هذه جنة أم ملهى ليلي؟!
سلام..
https://telegram.me/buratha