قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
الخدعة يمكن أن تمرر لبعض الوقت، لكنها بالتأكيد؛ لا يمكن أن تستمر لكل الوقت، ومن يتصور أن سنوات الجمر والرصاص، ذهبت دون أن تخلد نفسها يركب مركب الوهم..
لقد أعتلى البعث ظهورنا أربعين عاما، إبتدأت عام 1963 وانتهت عام 2003، نشأت خلالها أربعة أجيال، وعاش أثنائها أربعة أجيال سبقت، بمعنى أن ثمانية أجيال عمرها ثمانين عاما، عاصرت البعث بكل آثامه وآلامه.
ذاكرة العراقيون ما تزال غضة ندية، فالضلوع تحتبس الألم مثلما تحتبس البرد، وسحق أبناء شعب الوسط والجنوب في الأنتفاضة الشعبانية، ما يزال ماثلا مثول المقابر الجماعية التي لم تنبش كلها بعد، ولن يستطيع الكورد الفيليين، التوقف عن التفتيش عن أحبتهم، الذين غيبتهم اللحود التي شقتها بلدوزرات النظام الصدامي، في أرض تبعد عن مساكنهم أكثر من 500 كيلومتر، ومن قال بان سجن الرضوانية؛ والشعبة الخامسة وزنازينهما المظلمة قد باتت من الماضي؟ ومن قال أن الأيادي التي سلخ الجلد من لحمها قد شفيت؟
من قال...من قال..؟!
أسئلة كثيرة تطرح نفسها, نتيجة التناقض الصارخ، ما بين الشعارات التي ترفعها الطبقة السياسية بلا ملل، وخلفا جوق الأبواق الإعلامية؛ التي تنعق خلف كل ناعق.
الغصة عظم يعترض البلعوم، هل هو أمر مشروع وواقعي هذا الذي يحدث اليوم؟ ومن أين يستمد مشروعيته وواقعيته، أذا كان مشروعا وواقعيا؟.. فلقد تجرع شعبنا ما يكفي من الغصص، على يد زمر النظام الصدامي، وشرب حتى الإرتواء من كاس الذل والقهر، والجوع والبطالة والقمع الممنهج, ولم يعد ممكنا أن يراهم مرة أخرى، في واجهة التأثير بمصيره.
لقد أعطيناهم فرصة امتدت لإربعين عاما، من 1963 ولغاية 2003، لكي يطبقوا منهاجهم في الحكم، وكانت النتيجة أشلاء وطن وبقايا شعب..
البعث صار ماضيا، لكنه ماض حالك السواد، لا نريد أن يطل علينا مرة أخرى، عبر شعارات المصالحة الوطنية، او طي صفحة الماضي، أو عبر البوابة العروبية، فهذه لعبة ممجوجة مطروحة اليوم في الساحة السياسية، ليمرر من خلالها مخطط عودة رجال حقبة الآلام والآثام، وإلا ما جدوى عمل وزارةالخارجية على إعادة "تبعيث" السلك الدبلوماسي العراقي الخارجي، وماجدوى الكيل بالهبل بالرواتب لفدائيي صدام ومنتسبي أجهزة البعث القمعية، وما سبب صمت هيئة المسائلة والعدالة عن تصدر آلاف البعثيين لقيادة العمل الأداري في الدولة العراقية؟!
حديثنا هذا ليس أشلاء عواطف، بل هو عن معلومات مؤكدة، ان ثمة نشاط خفي تقوم به جهات رسمية، للعمل على مد جسور الثقة مع البعثيين، و"الرسميون" الذين ذهبوا الى الدوحة، لم يذهبوا لشراء دشاديش، والذين يذهبون الى الرياض، لم يذهبوا للتسوق، بل هم ذاهبين وفقا للإتفاق سياسي، ومن يقول أن بند المصالحة مع البعث، ليس من بنود الإتفاق كذاب أشر!
ما يتفق القادة السياسيون عليه؛ ليس شيئا مقدسا، وهم ليسوا مخولين من الشعب لصناعة غده، فهذا شأننا وليس شأنهم!
كلام قبل السلام: أذا كان لابد من أمر؛ فليذهبوا الى الدستور، ولينقبوا فيه عن فسحة للتصالح مع البعث، ولن يجدوا شيئا بالتأكيد، فالدستور جرم البعث، ومن يصافح البعثيين مجرم مجرم مجرم!..
سلام...
https://telegram.me/buratha