طيب العراقي
ثمة سؤال كبير يبحث عن إجابة..لماذا كشف ترامب أوراقه، بحديثه عن أهداف وجود قواته، في قاعدة عين الأسد غرب العراق؟!
من المفارقات التي نجدها في عقلية الأدارة الأمريكية, أنها تبدي قدرا كبيرا؛ من إدعاءات إحترام حقوق الإنسان, وتُظهر صورة براقة عن سعيها؛ لرفاهية وحرية مواطنيها, ولكنها تنظر بعين عوراء لحقوق وثروات الشعوب الأخرى، وفي مقدمتهم مليار مسلم يعيشون على كوكبنا, فهي تتعاطى معهم بعدوانية مفرطة، وهم عندها ليسوا أكثر من "حراس" على البترول والمواد الأولية؛ وبلدانهم يجب ان تكون أسواقا مفتوحة، لتصريف المنتجات الأمريكية فقط، وأن عليهم قبول الثقافة الأمريكية على علاتها، وبما يؤمن إستمرارية مشاريع الإستكبار العالمي، الذي يمثل الأمريكان عقله وذراعه.
الأمريكان هنا في العراق لتحقيق مشروعهم، بأبعاده السياسية والأقتصادية والأيدولوجية، وإستفزازات الرئيس الأمريكي ترامب، وعنجهيته وصلفه وتصريحاته الأخيرة، كلها مؤشرات على أن العراق، ليس محطة طارئة في السياسة الأمريكية، بل هو ووفقا للمعايير والحسابات الأمريكية، يجب أن يكون قلب المشروع الأمريكي النابض في المنطقة، لسبب واحد وبسيط، وهو أن العراق يقع في منتصف الخط المستقيم، الذي يصل بين طهران والقدس!
الإدارة الأمريكية وطيلة ستة عشر عاما المنصرمة، تصرفت مع العراق والعراقيين؛ بما يخدم مصالحها ومشروعها الأستراتيجي، وقد أكتشف الأمريكان باكرا، أن العراقيين ليسوا على الحياد؛ فيما يتعلق بالكيان الصهيوني، بل أن في العراق قوة عقائدية كبرى، تؤمن بحتمية زوال هذا الكيان، وأن هذا القوة منظمة بما فيه الكفاية، بشكل يقلق الإدارة الأمريكية، ويتناقض على طول الخط، مع سياساتها وأستراتيجياتها في المنطقة.
لذلك فإن ضرب هذه القوة خصوصا، وإضعاف العراق عموما، بات هدفا أستراتيجيا أمريكيا، وهذا ما كشفته تصرفات الأمريكان، أثناء المعركة مع تنظيم داعش الأرهابي، الذي أتضح بشكل لا لبس فيه، أنه صناعة أمريكية خالصة، شأنه شأن سيارات شفروليه!
أحد أهم وسائل إضعاف العراق، وجعله خاضعا خانعا تابعا للسياسات الأمريكية، هوالإضعاف الأقتصادي، ولأن الأقتصاد العراقي أقتصاد أحادي الموارد، معتمدا على ما يجود به جوف الأرض من بترول، لأسباب كثيرة لسنا في واردها الآن، لكن في مقدمتها المخططات الأمريكية الخبيثة، مع غياب شبه كامل لإيرادات القطاعات الأخرى, الأمر الذي جعله عرضة للمتغيرات الخارجية, ويسر إمكانية التأثير الأمريكي، عبر سياسات خفض أسعار النفط، الى ما يقارب قيمة التكلفة.
عدم اليقين الإقتصادي؛ الذي عانته حكومات ما بعد 2003, وقلة الإحتياطي المالي الوافي؛ وعدم واقعية السياسة الإقتصادية غير المنتجة, هو ما جعل المشروع الأمريكي نافذ النجاح في العراق, لأنها جعلت النفط وهبوط أسعاره، ورقة ضاغطة على العراق, لتدفع بالإيرادات بإتجاه التراجع، فأنعكس ذلك في تدهور إقتصادنا؛ لتقزيم الدور الذي يمكن أن يلعبه العراق على المستوى الإقليمي.
لا شك أن التحديات كبيرة جداً, ولكن فهما مخلصا وواعيا للمخططات التي تحيق بالعراق،, يكمن في التوافق السياسي؛ وتطوير سياسة إقتصادية منطقية فعالة؛ من قبل رجال شرفاء, وكذلك النهوض بمثلث التنمية الإقتصادية, والمتمثل بالنمو الإقتصادي والتقدم الإجتماعي وحماية البيئة, ليزدهر أمل جديد لإقتصاد أمة عظيمة.
عين الأسد تقف على أكبر مكمن للغاز في العالم، وفيها كمية من الغاز؛ تزيد بأضعاف عن ما موجود في روسيا وقطر، ولم يستخرج منه قدم مكعب واحد لحد الآن..!..هذا وحده يكشف أحد أسرار الوجود العسكري الأمريكي فيها..!
https://telegram.me/buratha