طيب العراقي
بُعيد التغيير الكبير في نيسان 2003؛ تم الترويج الى رغبة بالخروج؛ من الإقتصاد الخاضع لهيمنة الدولة المطلقة، وكان من مفردات هذا التوجه إنشاء بنية مؤسسية للاستثمار، وجرى ذلك في السنوات الأولى للنظام الجديد، ومن المفروض أن تكون هذه البنية، قد أنتجت شيئا كبيرا، بعد هذا الزمن الطويل على إنشائها
الحقيقة أن أموالا كبيرة قد أنفقت على أنشاء هذه البنية، وأعني بها هيئة الاستثمار، ومن بين ما أنفق عليها؛ عشرات المؤتمرات التي عقد معظمها خارج العراق، وفق هدف معلن هو السعي لجذب الاستثمارات الأجنبية، كما أن هذه البنية؛ تتوفر على كوادر ومقر مركزي، ومقرات ودوائر في المحافظات، وعدد كبير من المدراء العامين وأصحاب الدرجات الخاصة، فضلا عن كوادر وذيل أداري طويل، طويل جدا..!
فهل تحقق شيئا يوازي هذه النفقات الكبيرة؟! أم أننا شكلنا هيئة استثمار وحسب، بقصد أن نوظف عددا من العراقيين في هذا المجال؟!أي بمعنى آخر هو أن يتحول تشكيل الهيئة الى هدف رئيسي، فيما عملها ونتاجها هدف ثانوي.
المعطيات تقول أن الاستثمار في العراق؛ لم يقدم شيئا يوازي كلفة المؤتمرات والنشاطات، "والسفرات" التي جال خلالها كوادر الهيئة، معظم دول العالم وبالاتجاهات الأربعة.
وسائل الإعلام تعج بالأخبارعن مئات المشاريع ألاستثمارية، التي قيل أن تعاقدات مع مستثمرين قد أبرمت بشأنها، إلا أن عددا كبيرا من هذه المشاريع؛ لم ير النور لأسباب كثيرة، في مقدمتها عدم توفر البيئة الأمنية المناسبة، ومعلوم أن رأس المال جبان كما يقال.
كما أن البيئة القانونية الداعمة للاستثمار؛ مازالت قاصرة أو متخلفة، إذ أن معظم المسؤولين ألإداريين في الدولة، يتعاملون مع الاستثمار والمستثمر وفقا لمفهوم راديكالي، يتصور عملية ألاستثمار عبارة عن نهب للثروة الوطنية العراقية، وأن المستثمرين هم المستعمرين؛ ولكن تحت عنوان جديد..!
فيما يتعلق بهيئة الاستثمار ودوائرها بالمحافظات، فإن الحقيقة تعلن عن نفسها، إذ أن هناك تقاطعات كبرى؛ مع مؤسسات الدولة التي يفترض أن تكون ساندة لعملية الاستثمار، ويغلب على هذه التقاطعات الطابع المتشنج في العلاقة، ناهيك عن قصور النظر الذي أشرنا إليه.
في كفة الهيئة ودوائرها، فإن كل الدلائل تؤشر؛ الى أن هناك ضعفا في كفاءة الأداء والمقدرة المؤسسية، للهيئة العامة للاستثمار في عملية جذب الاستثمارات.
كنتاج لهذا الضعف؛ فإن القصور يغلب على عملية التنسيق والإتصال، بين هيئة الأستثمار والجهات الحكومية المعنية، بمعاملات تنفيذ المشاريع الإستثمارية..
ثمة وسائل أخرى أكثر جدوى، ومن بينها تقديم تسهيلات مبتكرة للمستثمر المحلي، وأعطاء فرص خلاقة للمستثمر الأجنبي بشرط المشاركة مع مستثمر محلي، وتوفير حماية ضريبية وإستيرادية لنواتج الأستثمار، وإعادة النظر بحجم ودور هيئات ألاستثمار في المحافظات، والبحث في جدوى وجودها أصلا لإيقاف النزف المالي، ومن بين الحلول المقترحة؛ إناطة المهمة بمجالس المحافظات أو بالمحافظات، كي تكون أمام مسؤوليتها وجها لوجه، وكي ترفع أحجار العثرة، التي تضعها مؤسسات الدولة المعنية أمام ألاستثمار.!
توفير المناخ ألاستثماري وتحسين بيئة ألاستثمار؛ بحاجة الى ثورة في هذا القطاع، لكن ليس عبر السفرات والمؤتمرات خارج العراق، والتي تستنزف كثيرا من ألأموال..!
https://telegram.me/buratha