قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
يتردد في الآونة الأخيرة مصطلح سياسي إجتماعي، هو مصطلح الكوادر والنخب..وأفردت كثير من القوى السياسية، تشكيلات ضمن هياكلها التنظيمية، تعنى بالذين يشملهم هذا التوصيف.. قوى سياسية أخرى جعلت هذا المصطلح أسما لها، ما يجعلنا إزاء وضع يكاد أن يتحول الى ظاهرة، بكل إسقاطاتها السياسية والتنظيمية.
الحقيقة أن هنك منحى قديم، كان وما يزال يتموضع في العمل التنظيمي السياسي، وهو عزل الفئات المجتمعية بعضها عن بعض، ولهذا المنحى اسباب متعددة، في مقدمتها أمكانية تسهيل التعامل مع كل فئة وفقا لواقعها، ولذلك نجد ضمن الحزب الواحد، تنظيمات منعزلة للنساء واخرى للرجال، وثالثة للشباب ورابعة للعشائر، وخامسة للطلاب وأخرى للعمال أو للفلاحين..وهكذا.
بعض القوى السياسية تفعل ذلك، ليس بهدف التعاطي مع كل فئة وفقا لواقعها، بل لمقاصد إنتخابية، أو للسيطرة على الفئات وفقا لثقافة القطيع، وهذا بالطبع منحى سيء المقاصد والوسائل.
لا شك ان المعنيين بتوصيف النخب والكوادر أوالكفاءات، هم أناس مميزين متميزين، يتوفرون على صفات لا تتوفر لدى عامة الشعب، فهم اللامعين فقط بين الأكاديميين،و المتخصصين تخصصا يشار اليه، بأحد فروع العلوم والمعرفة، أو أولئك الذين يتوفرون على مهارات نادرة، تجعلهم موضع إفتخار المجتمع وإحتياجه..
الحضارة والتقدم لا يصنعها الدهماء وعامة الناس، بل هؤلاء وفي اغلب الأحيان؛ مستهلكين لنتاجات الحضارة هادمين لها، لأنهم لا يعرفون قيمتها على وجه التقييم المجزي، وهم في افضل الأحوال وفي اوضاع منعزلة، يمكن أن يكونوا براغي في آلة الحضارة!
الحكومات أيضا لا تصنع حضارة ولا تصنع تقدما، غاية ما تستطيعه الحكومات، هو إنشاء منظومة إدارية، تستطيع توجيه الجموع وقيادتها ونظمها، وهذا ما تصنعه الحكومات ذات الأداء الجيد، أما الحكومات الرتيبة الداء، او الفاسدة كما هو الحال في العراق، فإنها ترجع بالبلاد القهقرى الى الوراء..
الغد لاتصنعه الآمال ولا الرغبات، كما ان دور الحكومات في صناعته، لا يتعدى إبتلاع اليوم كما ابتلعت الأمس!..
الإنسانية تبقى وبإستمرار بحاجة الى غد، وهذا الغ؛د يجب ان يكون متقدما على الأمس بمراحل، كما يتعين ان يكون متجاوزا للحاضر ومغاير له، فمن يصنع الغد؟!
تصميمات زها حديد الهندسية الرائعة، نفذها آلاف المهندسين والمفنيين والعمال المهرة، لكن العالم لا يعرف إلا زها حديد.
المتميزون المميزون هم صناع الغد، وحملة مسؤولية بناءه، وهؤلاء هم صفوة المجتمع وقادته، والتاريخ لم يحدثنا عن قوائم بأسماء الجنود ومسرجي الخيول، كما ان سجلات العمال والفلاحين والموظفين نادرا ما يراجعها أحد، لكنه ترك لنا سجلات ووثائق، عن القادة والبنائين المهرة، والشعراء والكُتاب والرسامين والنحاتين والقضاة، وترك لنا إرثا ضخما عن المخترعين والأساتذة، وكُتُب الباريء الخالق حدثتنا كثيرا عن قصص الأنبياء..
نحن بحاجة الى الأذكياء أصحاب السرائر الطيبة، والى الذين يضعون الوطن بين ظلوعهم، لا في جيوبهم..ومن بين هؤلاء المميزين، يمكن أن تتشكل مجموعة او مجاميع، قادرة وبما تمتلك من علوم وفنون ومهارات وقدرات، على صناعة الحضارة التي خسرناها عام 31 للهجرة، يوم قتلنا عبقري الحضارة الإنسانية، علي بن أبي طالب في مسجد الكوفة، على يد واحد من الدهماء..!
كلام قبل السلام: في العراق، نحن بحاجة الى أن نستصرخ كوادرنا ونخبنا وكفاءاتنا، لإدارة ملف مستقبلنا، وإنتزاعه من الأيادي الغبية التي تلاعبت به..!
سلام..
https://telegram.me/buratha