محمد كاظم خضير
لاشك أن هناك أزمة حقيقية في العراق مصدرها تواري واختفاء الشخصيات الوطنية وسط حالة الصراع السياسي بكل الشعارات المضللة، وحالة الفوضى العارمة، وانعدام إحترام الرأي الأخر والعزل السياسي الذي يطبقه كل طرف على الأخر، وانتشار حمى القبلية والجهوية والمناطقية، وتكريس مبدأ الشللية والمصالح الشخصية وغياب المصداقية للكثير ممن يسموا أنفسهم بالرموز الوطنية.
قد أدت هذه الأسباب وغيرها إلى اختفاء وتواري الشخصية الوطنية وعدم بروزها، بل إنها ساهمت بإبعاد الكثير من الشخصيات والكفاءات وتفتيت المجتمع وغياب الرموز الشريفة وفتحت المجال لشخصيات لا تحظى بقبول شعبي ووطني، بل هي رموز مصطنعة لبست رداء الوطنية وتدعي أنها جاءت لخدمة البلاد ولكنها تعرت و فقدت مصداقيتها وحتى شرعيتها. أقصد بالشخصية الوطنية الحقيقية ذلك الرمز الوطني.
صاحب الرؤية الصادقة والضمير الحي، شخصية لا تشغلها المناصب بقدر مايهمها الوطن واهله، فهى بعيدة كل البعد عن الطموحات الفردية والرغبات الأنانية. أى الشخصية الوطنية المؤثرة المستعدة دائماً لكي تهب نفسها وما تملك من أجل بلادها وشعبها وتعطي ولا تأخذ، الشخصية المناضلة ليس في الساحات الخارجية والمؤتمرات والفضائيات أو حبيسة مقارها المدنية وقلاعها العسكرية،أو التلطع بين الدول من أجل اكتساب الشرعية. ن
حن نتطلع إلى تلك الشخصية التي تعيش بين مواطنيها ووسطهم وتدرك هموهم وتعيش معاناتهم، شخصية مدافعة عن حقوق المواطنين العراقيف جميعاً أينما كانوا، لاتحارب ولا تقتل ولا تدمر ولا تتهم ولا تصنف من يختلفون معها من أجل مصلحة الوطن، شخصية لا تفرق ولا تشتت ولا تشرد، بل شخصية تجمع وتقرب ولديها القدرة على زرع المحبة والتوافق بين الجميع شرقا وغربا وجنوبا،.
قد يتسأل الكثير أو البعض ويقول بأن البلاد لا تخلوا من قيادات ورموز وطنية ظهرت بعد تغير2003 من داخل الوطن وخارجه، وهنا أقول أن الرمز الوطني يولد في الوطن بجنسية واحدة ويبقى فيه، ليس تقليل من قيمة أحد ولا إنكار له ولا لدوره، ولكن مايحتاجه الوطن والمواطن بصورة ملحة، من ولد من رحم المعايشة اليومية وعرف عن قرب معاناة الوطن وأهله، ومن يقدر باستمرار حجم وضخامة المسؤولية التي يحملها على كاهله.
الشخصية الوطنية لا تقاس بكثرة ظهورها على الفضائيات ولا بكثرة تنقالاتها بين الدول، ولا من خلال الأجسام الرسمية التي ابتدعت من أجله أو وضع فيها لتكريس وجوده الرسمي و الحزبي أوالعسكري، الرمز الوطني الذي نبحث عنه يقاس بحجم استعداده الدائم للتضحية بنفسه وأبنائه وكل من معه.
عندها سيذكره التاريخ بما أنجز من أجل الوطن والمواطن، أو أنه يخلد في مزابل التاريخ. ملاحظة… أرجو ألا يتبادر إلى الذهن أننا نبحث عن شخصية مثالية، أو زعامة تعيش بين التقديس والتدنيس لقيادة البلاد، بل شخصية شريفة تملك ضمير حي وإرادة حقيقية من أجل خدمة الوطن والمواطنين، أيضاً هذه الشخصية نحتاجها في كل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية.
https://telegram.me/buratha