قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
لأننا لا نتوفر على تجربة عريقة في المجال السياسي، فتجربتنا عمرها لا يزيد عن خمسة عشر عاما، وهو بمقاييس الأعمار البشرية يماثل عمر المراهقة، فإننا ما نزال نعيش حالة مراهقة حزبية فى العراق.
منذ زوال نظام القهر الصدامي؛ شغف كثير من أفراد المجتمع وخاصة الشباب؛ بمتابعة تطور الأحداث السياسية؛ من خلال الإعلام المقروء والمسموع، والمرئي ومواقع التواصل الاكتروني.
لكن ثمة قلة من الشباب، شرعوا في اكتساب الثقافة السياسية، ولكنهم اهتموا بقشورها، متعاطين بسطحية سياسية مفرطة، وكان محور تركيزهم منصبا على الجوانب السلبية للسياسة فقط، رافضين التعمق في النواحي السياسية بمعناها الصحيح، من خلال قراءات لتاريخ الثورات عبر العصور.
لقد تشكلت فئة تمثل قلة من الشباب، نشأت نشأة سياسية مرتبكة، في ظل مناخ سياسي مريض، تشوبه السطحية وعدم الإدراك الكامل، للركائز التي ينبغي أن تقوم عليها؛ الأوضاع السياسية في البلاد، ولم يكونوا في أي وقت من الأوقات في وضع يمكنهم من حضور سياسي أو فكري عصري, لذلك يمكن أن يطلق علي هذه الشريحة من المجتمع بالمراهقين السياسيين.
النتيجة أن هؤلاء المراهقين السياسيين؛ وبسبب محدودية خبراتهم ورؤيتهم السياسية؛ أصبحوا فريسة سهلة لتيارات هدامة مختلفة؛ شأنهم شأن الشاب المراهق، الذي يمكن أن تصل به المراهقة الشبابية، إلى الانحراف والانفلات؛ تحت تأثير أصدقاء السوء المغرضين.
مرحلة المراهقة هي مرحلة حاسمة في حياة الإنسان, وهي فترة متقلّبة صعبة إذ أنها الاختبار الأول في امتداد حياته. والمراهقة بصفة عامة؛ وهي الفترة الزمنية اللازمة، للانتقال المزعج والمخيف؛ من مرحلة الطفولة الي مرحلة النضج والرشد، أو الى مرحلة الانحراف والانفلات, المراهقة السياسية تقوم دائما على أفعال وممارسات، ليس لها صفة الموضوعية أو العقلانية، وبناء على ذلك تكون المراهقة السياسية لدى الشباب، مطمعا لكل ما يسول له نفسه أن يوجهها كيفما يشاء.
السياسة واحد من أرقى النشاطات الأنسانية، وقد باتت اليوم علما واسعا، له إبجدياته ومقوماته وأصوله وأساليبه، كما أنه موهبة تحتاج الى تقنيات وأدوات، وبخلاف ذلك فإن ما يمارسه المراهقون السياسييون في العراق اليوم، لا يمت الى العمل السياسي بصلة، لأنه لا يتوفر على الحد الأدنى من معايير العمل السياسي، الذي تحول الى لعب ومراهقة.
بعض القوى السياسية تفتقد الى التعاطي بتعقل وكياسة، فضلا عن غياب البصيرة والرؤية السليمة، بالتعامل مع ظروف الواقع، فضلا عن كونها تبحث عن وجود مفقود، وبالتالى لا بديل أمامها لكى يشعر بها الشارع، الا بخالف تعرف؛ بإحداث حالة صدام مع القوى السياسية المنافسة، ثم الوقوف أمام كاميرات الفضائيات، بحثا عن بطولة زائفة ولا شىء آخر، وتلك هي المراهقة السياسية.
كلام قبل السلام: السياسي المحترف المهني، هو ذاك الذي يمتلك تقنيات السياسة العلمية، ويمتاز بالدقة في بحث الأمور إلى العمق, وانتقاء الأفضل للمصلحة العامة, وليس كل من تحدث أمام فضائية، أو غرد في تويتر، أو كتب منشورا فيسبوكيا ناريا، يمكن أن يطلق عليه أسم "سياسي"، ومثل هذا النوع من "المتسيسين" صفائح زيت فاغة، تصدر أصواتا عالية حينما يقرع عليها، ولو كانت مملوءة لصدر عنها صوت هاديء رزن!
سلام..
https://telegram.me/buratha