المقالات

2018... عام الانتخابات وترتيب اوراق مابعد داعش

1646 2019-01-14

 

عادل الجبوري

 

   مثلما كانت الاعوام السابقة، حافلة بالكثير من الاحداث والوقائع السياسية والامنية المهمة في العراق، شهد العام 2018، احداثا ومحطات مفصلية، شغلت حيزا واسعا من الاهتمام، وتركت بصمات شاخصة في المشهد العراقي العام.

معارك انتخابية ساخنة     

   واذا كان العام الماضي، 2017، قد اعتبر عام القضاء على تنظيم داعش الارهابي، وتحقيق الانتصار التأريخي الكبير بفضل تكاتف وتازر كافة مكونات الشعب العراقي، فأنه يمكن اعتبار عام 2018، عام الحراك الانتخابي الاكثر اثارة وجدلا واختلافا.

   ورغم ان احداثا ووقائع كثيرة وكبيرة وملفتة، تخللت المشهد العراقي، خلال عام 2018، الا ان الملف الانتخابي، شغل الحيز الاكبر والاوسع. 

   وبينما تم تأجيل انتخابات مجالس المحافظات التي كان من المقرر اجراؤها في خريف عام 2017، الى اشعار اخر، بدا ان هناك اصرارا على اجراء الانتخابات البرلمانية العامة في الثاني عشر من شهر ايار-مايو الماضي، وهو الموعد الذي حدده  مجلس الوزراء العراقي.

   ولانه منذ بداية عام 2018، كانت مجمل المؤشرات قد ذهبت الى ان اجراء الانتخابات في موعدها المذكور باتت امرا محسوما وحتميا، لذلك فان مختلف القوى والكيانات السياسية، راحت ترتب اوراقها وتتهيأ لخوض معركة الانتخابات بكل ما لديها من امكانيات.

   وهكذا القت الانتخابات بظلالها على عموم المشهد منذ بداية العام، لتصبح الحدث رقم واحد تقريبا، وحتى بعد ان وضعت تلك المعركة اوزارها، ظل المشهد محتدما الى حد كبير، لان النتائج التي خرجت بها، واللغط الذي اثير حول عمل مفوضية الانتخابات، وطبيعة الاصطفافات والتحالفات التي افرزتها، كانت من العوامل المؤثرة في رفع وتيرة الاحتقانات والتشنجات السياسية، وهو ما انعكس فيما بعد على موضوعة تشكيل الكتلة البرلمانية الاكبر، واختيار رئيس الوزراء، ومن ثم تشكيل الحكومة الجديدة، والتي انتهى العام، لكنها لم تكتمل حتى الان.

   ونفس المشهد الانتخابي العام، تجلى وبرز في اقليم كردستان، اذ ان انتخابات البرلمان المحلي التي جرت في الثلاثين من شهر ايلول-سبتمبر الماضي، افرزت ارقاما حرجة ومعقدة، عمقت المأزق السياسي الكردي، وابقت الامور معلقة، مثلما هو الحال في بغداد، وربما يحتاج الاكراد الى عدة شهور لحسم امر رئاسة برلمانهم، ورئاسة الحكومة والاقليم، والية توزيع الحقائب الوزارية والمناصب العليا الاخرى بين القوى المتنافسة والمتصارعة.         

الحشد الشعبي في دائرة الاستهداف 

   وفي الوقت الذي كان الحشد الشعبي حاضرا بقوة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، وشكل من خلال عدة عناوين سياسية، رقما صعبا ومحوريا، فأنه بقي ضمن دائرة الاستهداف السياسي من قبل جهات خارجية وداخلية عديدة، في مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية.

   وقد شهدنا خلال عام 2018، حملات اعلامية وسياسية ممنهجة ومنظمة ضد الحشد، وهذه الحملات جاءت ضمن المحاولات والمساعي المحمومة، لتفكيكه وانهاء وجوده، بيد ان تلك المحاولات قوبلت بمواقف سياسية وشعبية حازمة وقوية، كانت بمثابة رسائلة بالغة الاهمية والدلالة عن المكانة الكبيرة والمهمة التي شغلها الحشد الشعبي، لا على الارض فحسب، وانما في نفوس وقلوب معظم العراقيين.

   والى جانب استهدف الحشد، فأن مساعي واشنطن لتعزيز وجودها العسكري في العراق استمرت وتواصلت بطرق واساليب مختلفة، وربما جاءت الزيارة السريعة والسرية الاخيرة التي قام بها الرئيس الاميركي دونالد ترامب للعراق ليلة الخامس والعشرين من شهر كانون الاول-ديسمبر الجاري، لتفقد الجنود الاميركان وتقديم التهاني لهم بمناسبة اعياد الميلاد، في اطار النهج الاميركي العدواني المرفوض من قبل العراق جملة وتفصيلا.  

   ويبدو ان المواقف السياسية والشعبية التي ادت الى سن قانون الحشد الشعبي قبل اكثرمن عامين، هي ذاتها التي ستساهم في تشريع قانون انهاء التواجد الاجنبي في البلاد في غضون الفترة القصيرة المقبلة.   

تظاهرات احتجاجية    

   وقد هيأ الانتصار التأريخي الكبير على تنظيم داعش الارهابي، الظروف المناسبة، لكي تتصدر المطاليب الشعبية بتحسين الخدمات ومحاربة الفساد والقضاء على البطالة، اهتمامات واولويات شرائح وقطاعات اجتماعية مختلفة، اذ مثلت التظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها مدن ومحافظات عراقية عديدة، ابرز تعبير عن حجم المشكلات والازمات التي يفترض بالجهات المسؤولية والمعنية حلها ومعالجتها، في سياق مرحلة الاصلاح واعادة البناء التي اعقبت مرحلة الحرب ضد الارهاب.

   ولعل التظاهرات الاحتجاجية الاكبر والاوسع، هي تلك التي شهدتها محافظة البصرة، ثالث اكبر محافظات العراق بعد العاصمة بغداد ونينوى، والاغنى من ناحية الثروات النفطية، والبعد الاقتصادي التجاري.

وقد انطلقت التظاهرات الاحتجاجية في البصرة في شهر تموز-مايو الماضي، وهدأت قليلا بعد اسابيع، لتعاود التصعيد في اواخر شهر ايلول-سبتمبر الماضي، ومن ثم تأخذ طابعا سياسيا الى حد ما في منتصف شهر كانون الاول-ديسمبر الجاري، ارتباطا بملابسات الصراع والتنافس حول منصب المحافظ ومنصب رئيس مجلس المحافظة بين عدد من الكتل والقوى والشخصيات السياسية. 

   ولاشك انه في ظل استمرار-بل استفحال-مظاهر الفساد والتردي الاداري والمالي، والتنافس السياسي المحموم على مواقع السلطة والهيمنة والنفوذ، من الطبيعي جدا ان تتصاعد حمى التظاهرات الاحتجاجية، وكذلك من الطبيعي ان تتداخل الاجندات والمشاريع التخريبية مع المطاليب المشروعة ، وهذا ما تم التحذير منه والتنبيه اليه من قبل اوساط ومحافل مختفلة، تخشى من انزلاق الامور الى منعطفات ومسارات خطيرة.

   وتجنب هذا الخيار السيء والخطير، يتمثل في سرعة وجدية استجابة الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية لمطاليب الناس، وطرح الحلول والمعالجات الواقعية والسريعة التي من شأنها ان تنعكس على الجوانب الحياتية والمعيشية لعموم المواطنين، لاسيما الطبقات الفقيرة والمحرومة منهم.       

   ولعل تصدي شخصيات سياسية تمتاز بالعقلانية والاعتدال والمهنية، وتحظى بالمقبولية، مثل عادل عبد المهدي لرئاسة الحكومة، وبرهم صالح لرئاسة الجمهورية، واسماء اخرى في بعض المناصب الوزارية، يمكن ان يدفع بأتجاه اصلاحات حقيقية وضرورية، فيما اذا لم تتشب القوى السياسية بمصالحها الضيقة، واجنداتها الخاصة.  

مؤشرات امنية واقتصادية جيدة 

   وفي خضم الحراك السياسي والشعبي المحتدم، برزت مؤشرات امنية واقتصادية ايجابية مهمة، ينبغي الا تغيب او تغيب، في أي تقييم عام لمسارات واتجاهات الامور.

  ومن بين المؤشرات الامنية الايجابية، استمرار المنحى التصاعدي لتحسن الوضع الامني، من خلال الانخفاض الكبير والملموس في العمليات الارهابية، الذي استتبعه انخفاضا كبيرا في ضحايا الارهاب الى مستويات قليلة جدا، وهذا ما اوضحته التقارير الاحصائية  الشهرية لبعثة منظمة الامم المتحدة لمساعدة العراق(يونامي)، وتقارير المؤسسات الامنية والصحية الحكومية العراقية.

   وتحسن الوضع الامني ساعد في عودة اعداد كبيرة من النازحين الى مناطقهم الاصلية، وخصوصا في محافظات نينوى وصلاح الدين والانبار وديالى، وساعد ايضا في انتعاش عموم الوضع الاقتصادي، الذي كان من بين ابرز معالم تحسنه هو ازدياد صادرات العراقية النفطية، وارتفاع معدلات انتاج الغاز الطبيعي، وتقليل معدلات احراق الغاز المصاحب  لعمليات استخراج النفط الخام، وتفعيل وتعزيز العلاقات الاقتصادية، من خلال ابرام اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع عدد من الاطراف الاقليمية والدولية، في مقدمتها الجمهورية الاسلامية الايرانية والصين وروسيا، وهو ماساهم في زيادة الموارد المالية للعراق، وتنويع مصادرها بدرجة اكبر.

   ويؤمل، في حال انحسرت مساحات الصراعات والاحتقانات السياسية، واتيح للحكومة تنفيذ برنامجها التنموي الاصلاحي، ان تفضي التحولات الامنية والاقتصادية الايجابية، الى جعل العام الجديد 2019، عام انجازات واستقرار وازدهار وانفتاح في شتى الجوانب والمجالات، ليستعيد العراق حضوره الاقليمي والدولي الفاعل والمؤثر، ويتحرر من الارادات والمشاريع والاجندات الخارجية المضادة لمصالحه الوطنية والمهددة لسيادته واستقلاله.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك