قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
بحكم مهامي كإعلامي ومنخرط "متورط" بالحقل السياسي، ألتقي وبشكل يومي وربما في اليوم عدة مرات، مع ساسة عراقيين من مختلف الملل والنحل، مستعيرا أستخدام هذا التعبير، من عنوان كتاب الشهير "الملل والنحل"..
حصيلة لهذه اللقاءات التي لا حصر لها، تكونت عندي فكرة، تحولت لاحقا الى قناعة نهائية، تختصر كثير من ما يجول في خواطركم، عن أحوال الساسة وتصرفاتهم وعلاقاتهم البينية، وكيف يبنون مواقفهم ويتخذون قراراتهم..
معظم من ألتقي من الساسة، يتميزون بأناقة مفرطة، فهم يرتدون أفخر البدلات، ويحتذون أفضل الأحذية، ويرشون على أنفسهم عطورا من ماركات راقية، وإن بدوا قد إستعاروا تلك الأناقة حديثا، لكن الحق يقال؛ أنهم يتحلون بدماثة الأخلاق معي على الأقل! فمعظمهم يختار كلماته بعناية، لأنهم يعرفون أن مهمتي الرئيسية، هي تلقف ما يأفكون!
المحصلة التي خرجت بها بعد ستة عشر عاما، من العمل السياسي العلني، وقبلها بقدرها من العمل السياسي السري، أن معظمهم يعاني من إزدواجية الشخصية والرأي، فهم يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يقولون، ولا يخجلون من ذلك، ولا يعدونه عيبا، بل هو عندهم؛ من متطلبات العمل السياسي وأول ابجدياته..وهذا ديدنهم على الأعم الأغلب..
في أغلب أحاديثهم الإعلامية أو مع بعضهم بعض، يكتسب ذكر الضرورات القصوى؛ للتعاضد والتآزر بعدا رومانسيا أخاذا, فتحسب أنهم جميعا عشاق لهذا الوطن، بل وعبيد وخدم لشعبه.
معظمهم يتحدث بعبارات، تبدو وكأنها مطبوعة على آلة كاتبة، أكاد أسمع صوت ضربات حروفها، وهم يتحدثون عن ضرورات الحوار، وأن لا سبيل لحل المشكلات إلا بالحوار، وانه الطريق الأوحد، لبناء مواقف مشتركة تخدم العراق والعراقيين.
لكن ومع كل هذا وذلك، فلا وجود لأي حوار على ارض الواقع، فما أن يتم الإعلان عن حوار حتى يتم تأجيله، لان هناك شروطاً لبدءه، تستدعي شروطاً مضادة..وهكذا دواليك!
الحقيقة أنه يمكن تفسير هذا الواقع الغريب، بوجود أجندتين للحوار؛ الأولى وهي الأكثر أثرا وتأثيرا، أجندة خاصة مضمرة تقوم على التفرد والذاتية، وغالبا ما تبنى على مال مدفوع، أو إرتباط مشبوه، بأجندة خارجية، أو أمراض طائفية، سواء كانت طائفية سياسية أو مكوناتية.
ألأجندة الخاصة، لا يطرحونها بالتأكيد على طاولة الحوار! لذلك يصعب على الآخر التعرف عليها، و بما أن لكل الأطراف أجنداتهم الخاصة، فان الحوار يصبح حوار الطرشان.
الثانية تمثل الأجندة العامة المعلنة، ولان الأجندة العامة ليست صادقة ولا حقيقية، فأنها تركز على العموميات؛ والغموض بالمواقف والتصرفات، وذلك يمكن المتحاورين؛ من التهرب من نتائج الحوار، إذا لم تكن تخدم أجنداتهم الخاصة، أو الأجندات المدفوعة الثمن.
بسبب أن أصحاب الأجندات الخارجية الذين يسيرونهم، يريدون أن يبقى العراق في أزمة دائمة، فهم يفتعلون دائما الأزمات، حتى تحول العمل السياسي لديهم، الى مجرد إثارة أزمات كهدف دائم، وكنتيجة عرضية لهذا الحال، نرى أنهم لا يرون إلا أنفسهم، وبعدسة محدبة تكبر ذواتهم..
العلاقات بين الأطراف السياسية العراقية، لا تعرف أن تقديم تنازلات متبادلة، من بين وسائل العمل السياسي!
كلام قبل السلام: كل طرف، يخاف إن هو بادر الى تقديم أي تنازلات، أن لا يقابله الطرف الآخر بتقديم تنازلات متساوية أو مقابلة، ولذلك يلجأ اصحاب الأجندات الخاصة المشبوهة الى لغة التخوين، التي غالبا ما ترد عليهم!
سلام..
https://telegram.me/buratha