المقالات

الطريق إلى الجنة مليء ‏بالضوضاء


محمد كاظم خضير 


وقفت كثيرا لكي تقف لي سيارة لكي اذهب الى زيارة الإمام الكاظم عليه السلام وإذا بسيارة تقف فقلت بغداد قال سائق نعم بغداد ركبت بسيارة بعد مدة رأيت شخص يلبس ملابس عسكرية واقف على جانب الطريق يبدو أنه يريد الذهاب إلى بغداد فقلت لسائق السيارة توقف لكي يصعد فصعد الشخص وجلس بجانبي .قلت له لله بلخير فرد الشخص الله بلخير خوي الله يستر عليك ويحفظك بحق محمد وال محمد قال؛ الرجل شكرا جزيلا تبادلنا الحديث ونحن في السيارة وصلنا إلى سيطرة اليوسفية فقلت له اين وحدتك اخي الكريم قال على الحدود العراقية السورية فقلت له الله يحفظكم بحق محمد وال محمد فقلت له قص لنا حكايتك من إلى نصل إلى الكراج العلاوي.

قال اخيتبدأ حكايتي بنهايتي، برصاصة رخيصة من إرهابي حقير تنتزع من جثتي روحها، وعن طفلي تنزع الابتسام، مؤلمة هي ‏ومريحة في آن، تخترق صدري وتدفعني إلى الوراء فأميل وأبدأ في السقوط، عجيب ذلك الشريط المكرر ‏الذي تراه أمام عينيك ساعة الردى ..‏ ‏***‏ طفل أنا في السادسة من عمري، أجلس متحمساً على طرف السرير المبعثر وأمد رجلي لأمي لتلبسني ‏الحذاء، حقيبة يوم الدراسة الأول جاهزة، تحوي دفاتري وأقلامي وتفاحة، يأخذني والدي من يدي ويدخلني ‏إلى عالم المدرسة آملاً أن أتعلم ما يزيدني يقيناً بأن الله حق .. ‏ ‏***‏ أميل إلى الوراء سقوطاً فتتكشف لي سماء البريقة بلونها الصباحي المميز .. أ

سقط على الأرض الترابية ‏المليئة بالحصى، يؤلمني السقوط أكثر مما تؤلمني الرصاصة .. يتناثر الغبار من حولي و يصيح حسين ‏بلهجته العراقية المميزة “شهييييييد .. الله أكبرر” .. يهرع إلى الشباب ويشرع أحدهم في تمزيق ‏سترتي .. و من خلفي أسمع أحدهم ينتحب .. أتراه محمد ناصرية؟ ‏***‏ تتساقط قطرات الدم مني فأنظر إلى ساقي المجروحة بتألم، لعينة عادة لعب الكرة على ساحات الاسفلت، ‏ولعين هذا الألم الذي يعتصرني، ملامح الرجولة المبكرة الظاهرة على وجهي ونظرات الرفاق تفرض ‏علي أن أنهض متظاهراً بعدم المبالاة .. يا لإرهاب اللعين ..‏ ‏***‏ بمستشفى اليرموك في بغداد .. يفتح باب الثلاجة الباردة ويسحبني أحدهم .. “هذا ولدك يا حجي؟” .. ” لا‎ ‎‏ لا ولدي قالوا ‏في التلاجة رقم 19 ” .. “هذي تلاجة 7 يا حجي .. ؟؟” .. يقفل باب الثلاجة بعنف .. ‏يسود البرد والظلام مرة أخرى .. اللعنة !! .. من أخذ القدحة ؟ ‏***‏ ألملم دفاتري ومفتاح السيارة، أمازح أحد الزملاء وأبحث عن قلمي الذي يبدو أنه قد سرق للمرة الألف، ‏تعلم اللغة الانجليزية صار ترفاً و غزواً ثقافياً هذه الأيام، يفتح الباب فإذا بها تدخل لتقلب عالمي رأساً على ‏عقب، تلبس وشاحاً داكناً و الكثير من الحياء، جمالٌ من النوع الذي يدفع أي شاب لأن يقلب كوب القهوة ‏ارتباكاً، وسحرٌ يخبرني بأن الدنيا لم تعد كما كانت من قبل .. ‏ ‏***‏ يحمل بعضهم التابوت على كتفه ويتمطى .. يبدو أن الزحام شديد والتدافع أشد .. و يبدو أيضاً أن المشيعين ‏في المؤخرة أقصر منهم في المقدمة فالتابوت مائل للخلف .. “لا إله إلا الله .. والشهيد حبيب الله” .. يبتهل ‏البعض في تأثر واضح.. تنحني السماء لتحيتي وتفوح رائحة الورد من التراب .. يصحو الموتى من ‏قبورهم فالضيف مهيب و فوق الاعتياد .. تتلى سورة يس بطعم الدموع و يبكيني الوطن .. يطلق بعضهم ‏مئات الأعيرة النارية في الهواء على الأرجح، الصوت عالٍ و مزعج .. في العراق ، الطريق إلى الجنة مليء ‏بالضوضاء.. يمشي الموكب في تسارع و كأنهم يستعجلون دفني، أبسبب الشمس الحارقة؟ .. !!‏ ‏*** ‏ ‏”الله أكبر الله أكبر .. أشهد أن لا إله إلا الله” .. يؤذن والدي في أذن طفلي الأول .. بمزيج الحب و الرهبة ‏والسعادة تخنقني الدموع فألازم الصمت و أنظر إلى زوجتي المنهكة والسعيدة في ذات الوقت .. أغرق في ‏عالم موازٍ لا أنتمي إليه، وفي وطن لا أنتمي إليه، وأخاف أن يكبر طفلي في بلادٍ أخشى على نفسي من ‏ظلمها .. تنتشلني زوجتي من همومي بسؤالها “نسموه جهاد؟” ..‏ ‏***‏ غريبة زاوية النظر من وسط القبر نحو أشخاص يرصون ألواح الاسمنت فوقك ليمنعوا وصول الشمس ‏إليك إلى الأبد، تسمع المزيد من الرصاص و الهتاف عن العراق فتعرف أنك تسمعه للمرة الأخيرة .. يصيح زوج اختي في محاولة منه للتظاهر بالشدة ورباطة الجأش و احمرار عينيه يشي بالعكس .. ‏ينهار أبي على القبر ويبكي .. ينتحب .. تسحبه أذرع كثيرة إلى الخلف وتبارك له شفاعتي .. ومن خلفهم ‏أرى جهاد يقف وحيداً حائراً .. للمرة الأخيرة ..‏ من وراء الموت .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك