قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
تضيع البوصلة، عندما تتقلب الموازين فتحتار العقول، وتتساوى الرؤوس عندما تختلط الأمور، وحينما يستوي الماء والنار، يبلغ السيل الربى، وعند ذاك تبلغ السكين العظم..
وعندما يعلو مفهوم (الأنا) بدل (نحن)، وعند التفكير (بالبطن) بدل (العقل)، وبالجيب بدل الشعب، وعندما يحل التقهقر بدل التقدم، وعندما تكون مشكلتنا محصورة بصخرة زنتها 150 كيلوغرام، تأتي البلوى، وإذاك حسبنا تعالى ونعم الحسب.
ويبدو أن الفوضى المؤسساتية قد ذهبت بنا بعيدا، ورمتنا سحيقا، وبتنا لا نعرف رؤوسنا من أرجلنا، وأختلط العام بالخاص حتى تماهيا، وأنعكس ذلك كله، على مخرجات العملية السياسية؛ فبدت غريبة عن منطق العقل في الغالب.
إن ما نواجهه من تحديات، خصوصا في قطاعي الأمن والخدمات؛ هي بلا شك تحديات للعقل والمنطق، ولا يبدو أن لها حل معقول، في ظل العقلية السائدة في إدارة الدولة..تلك العقلية التي ترى أن كل شيء، يجب أن يكون بيد المركز؛ قرارا وتخطيطا وتمويلا وتنفيذا، ومراقبة ومتابعة، وكأن غير المركز قُصَر، وهو وحده البالغ الرشد، أو أنه فقط من يعرف مصالح العباد، وغيره حمقى، أو أن يرى أنه وحده من يحسن التدبير، وغيره لا يعي مسؤوليته، فينحى نحو التبذير، أو أنه بطل شجاع، وغيره رعاديد جبناء, أو أنه فقط؛ من بيده الخير وهو على كل شيء قدير!..
ولنراجع أنفسنا ونسائلها، هل كان أحد منا منذ عشر سنين، يتوقع أن تصل الأمور، الى ما وصلت اليه اليوم؟ ولنأخذ ناحية واحدة فقط من بلايانا: ومن البلية "عذل من لا يرعوي عن غيه" وخطاب من لا يفهم يضحك الثكلى، وشر البلية ما يضحك..
فدستورنا أقر الفيدرالية كنظام لإدارة البلد، ووجد الجميع حينها، أنه أسلم نظام يحفظ لكل ذي حق حقه، لكنهم ما إن إعتلوا ظهورنا ـ وأعني بهم الساسة الأجلاء ـ حتى باتت الفيدرالية بنظرهم دعوة الى تقسيم البلاد! ليس لأنهم حريصين على وحدة البلاد، لا أبدا، ولكنه الملك الذي يعلمون أنه عقيم!
فأي منهم يرى أن أي"تمتع" لأي "جزء" من الوطن، بحقه في أن يدير شأنه بنفسه، ما هو إلا مروق على سادة بيت الطاعة المركزي!..وهم يعلمون جيدا أن الوطن "مكونات" وهذا ليس عيبا، بل هو واقعنا الذي يتعين أن نعمل من خلاله، ونعترف به إيجابيا وليس سلبيا، وليس في ذلك دعوة الى تقسيم البلاد.
لكن إبن الجنوب يريد أن يعلم أولاده، في مدارس بثقافة آبائهم، يريد أن ينشأهم على أن الـ (چا) ليست عيبا، وأنها كلمة سومرية أصيلة، وأن من ينطق بالـ (چيف) لا يرتكب إثما! وكل ما في الأمر: أنه يقلب "الكاف" الى "چ"، وكم هي جميلة من فم الصبية الجنوبيين! وإبن الجنوب؛ عاش وتربى مثله مثل آباءه، على أن أهل البيت عليهم السلام هم حملة الرسالة وهم حفظتها، وأن قتلتهم مجرمين، مثلما تقول بذلك كل كتب التاريخ، وليس معقولا أن نلوي إيماناتهم ليا، ونطوع عقائدهم، من أجل أن نرضى عبدة الجبت والطاغوت..
ومن المؤكدأن أبناء العمارة وسوق الشيوخ، والبصرة والحي، والرفاعي وأبي غرق، والمهناوية، والديوانية، وكربلاء والمشخاب، والرميثة والعكيكة، والقرنة والهارثة؛ سيهتفون بأعلى أصواتهمم: (چا) و(چيف) فيدرالية..فلتسقط المركزية!..
كلام قبل السلام: السَّرْج المُذهَّب لا يجعلُ الحمار حصاناً!
سلام..
https://telegram.me/buratha