علي العدنان الشمري
(غير معيشة الإنسان يتغير بذلك تفكيره) مثل غربي قديم
وهذا يقودنا الى ماحصل في ماليزيا على يد رجل صنع التاريخ لبلده ونفسه وحقق حلماً كاد أن يكون مستحيلاً , حينما وحد شعباً متعدد الديانات والأعراق و أختط له هدفاً وسار عليه و تخطى كل الصعوبات , شعب ماليزيا نفوسه بقدر نفوس العراق و مساحته تساوي مساحة العراق و موارده الطبيعية أقل بكثير من موارد العراق .
لكن السؤال هنا كم دين فيه وكم عرقاً وطائفة , توجد 18 ديانة فلم نرى تقاتل طائفي أو عرقي أو ديني أو قومي حينما صنع المهاتير محمد للمواطن الماليزي حب الوطن , وأخذ من روح الدين الإسلامي الذي نادى بالحرية والمساواة والعدل وأصبح دستوراً للبلاد مع الحداثة مع التطور مع التعاليم الروحية للإسلام , أستطاع أن يوحد كل هذه القبائل والأعراق الأديان لحب الوطن .
أول ماصنعه المهاتير هو تنمية الروح الوطنية فغير المسلم من يرى المسلم نظيراً له في الخُلق و مساواً له في الحقوق والواجبات في بلده لا يشعر بالنقص ولا بالتهميش , و المسلم يشعر أن هذا الشخص غير المسلم في بلده هو مواطن مثله له نفس الحقوق و الواجبات , نعم تساوت كل المقاييس في هذا البلد حيث أولى أهتماماً بالتعليم لانه أساس رقي المجتمع وتقدم البلاد حيث بنى المدارس النموذجية في جميع ماليزيا و جعل التعليم أجباري وأعطى المدرس أو المعلم رواتب مغرية , وحث الأهالي بأرسال أولادهم الى المدارس وخصص رواتب شهرية للعوائل الفقيرة التي لاتستطيع أرسال أولادهم وفي نفس الوقت فرض غرامة مالية على من لم يرسل أبنه الى التعلم ومن لم يستطع دفعها يحبس , وعمل ورشات عمل في كل مدرسة ( فنية , هندسية , صناعية , زراعية ) وغيرها لتنمية القدرات الحرفية لديهم يشتغلون بها كل يوم بعد أنتهاء حصصهم الدراسية .
خصص المهاتير للتعليم جزء كبير من ميزانية الدولة حيث في عام 1996 م أنفق على التعليم 2.9 مليار دولار اي مايعادل %21.7 من الأنفاق الحكومي وفي عام 1999 م أصبحت %90 من مدارس ماليزيا مرتبطة بالأنترنت , لكن مع هذا النجاح والرضى الشعبي له ماذا فعل المهاتير ؟ في عام 2003 م أقدم على عمل غريب لا نجده في أي دولة عربية أو إسلامية , قرر أنسحابه من السلطة ومن الحزب و أعتزاله الحياة السياسية وهو في أوج مجده معللاً ذلك ((( أعطاء فرصة لغيره من أبناء شعبه ليساهم في تطوير وبناء ماليزيا الحديثة !!! ))) .
هنا يحاصر أمتنا العراقية سؤال ؟ من منا سيفكر كمهاتير من سيقود البلد وينهض به , هل لنا الوقت مراجعة أحداث عشر سنوات و أسلوب القيادة لبلدنا ماذا فعلوا بالتعليم و أين الصناعة أين الزراعة وهل وحدو الشعب أم فرقوه , مع كل ألأسف نجد تعليمنا في مصاف الدول المتخلفة لايوجد أهتمام بهذا القطاع المهم بأبسط الأشياء وهي بناء مدارس نموذجية ولا مناهج علمية بل أكثر من ذلك لاتوجد أجواء مناسبة للدراسة , نستغرب في بلد ميزانيته 145 مليار دولار وتوجد مدارس من طين ومن القصب ناهيك عن المساعدات الدولية لهذا القطاع فقط حيث بلفت المساعدات منذ عام 2003 م الى عام 2009 م 600 مليون دولار هذه مساعدات وليس تخصيص الحكومة , لماذا هذا الأهمال وتهديم المجتمع جعلتم أطفالنا تتسول في الطرقات لتجد لقمة عيش لا يهتمون بالتعليم اختصاراً ( نحن نتقدم الى الوراء بفضلكم ) .
عشر سنوات على تحرير لبلدي والتخلص من نظام مزق وحدة الشعب غير ألوانه , جاءت أحزاب كنا في السابق أذا نعترض على النظام نحسب عليهم وتحملنا ذلك , تفائلنا بحكمهم الجديد بأن من كنا نحسب عليهم الأن بالسلطة وبيدهم حكم البلاد لكن أنصدمنا بتمزيق وحدة الشعب واللعب على الوتر الطائفي بأسم الدين فرقونا ودولاً توحد بأسم الدين , والمصيبة الكبرى لم يقدموا شيء من جميع النواحي ( اللهم فقط لحساباتهم المصرفية ) و رغم هذا متمسكين بالسلطة و كأنها ورثً توارثوه عن أبائهم ويدافعون عن بقائهم ويمهدون للأولادهم ليحكموا وهم لم يوفروا أبسط متطلبات الحياة لهذا الشعب من العيش الأمن والحر الكريم , جعلونا لانملك شيء بعد أن كنا بلدأ مصدراً للزراعة مكتفي صناعياً و الأن ( لا حظت برجيلها ولا خذت سيد علي ) .
علينا الأقتداء بما فعله المهاتير محمد لبلاده وكيف تعامل مع أطياف شعبه والتعلم من المرونة التي استخدمها في معالجة مشاكل بلاده واستنساخ تجربة ماليزيا الى العراق , وجعل هذه التجربة مثالاً راسخاً وحياً يعيش معنا لكي ننهض بأمتنا العراقية , ولقد سقنا هذا المثال لان ماليزيا كانت بلداً فقيراً تنهشه الحروب الطائفية وقليل الموارد الطبيعية ولا توجد فيه أنهار مثل العراق !!!
https://telegram.me/buratha