محمد كاظم خضير
فوجئنا في العراق بتصريح محمد علي الحكيم وإذا بالعراق كله يضجّ ضد «تصريح محمد علي الحكيم حول حل الدولتين واعطه دولة صهيونية » والشعب الفلسطيني على مشارف «انتفاضة ثالثة» والشعب العراق يعلن رفضه لتصريح «محمد علي الحكيم »، ، في خضم ذلك فوجئنا بانتشار «تغريدة وزارة الخارجية لإسرائيل 》》في كل مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض الفضائيات تتناوله بالتعليق، وخاصة المعادية للشعب العراق أن «القناة الثانية» الإسرائيلية،
ترحب وتعلق على زيارة ثلاثة أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن ثلاثة وفود حزبية عراقية ضمت 15 شخصا، زارت إسرائيل خلال العام الماضي 2018، وبحثت قضايا خاصة بإيران والتطبيع.
والمصيبة العظمية أن "الوفود ضمت شخصيات سنية وشيعية وزعماء محليين لهم تأثيرهم في العراق، زارت متحف ياد فاشيم لتخليد ذكرى المحرقة، واجتمعت ببعض الأكاديميين والمسؤولين الإسرائيليين"، مشيرة إلى أن الخارجية الإسرائيلية تدعم هذه المبادرة دون إيضاح الهدف منها.
من جهته كتب المحلل والأكاديمي الإسرائيلي إيدي كوهين على "تويتر": "الحكومة العراقية أرسلت هذه الوفود للتفاوض مع إسرائيل على الانسحاب الإيراني من جنوبي سوريا مقابل وقف القصف الإسرائيلي للأراضي السورية".
وأكد كوهين أن "الوفود فاوضت أيضا على حل الأحزاب الشيعية في العراق وسوريا ولبنان ودول الخليج، وبحثت سبل التطبيع مع إسرائيل".
وقد ازدادت في الآونة الأخيرة زيارات الوفود العراقية بعد زيارة إلى إسرائيل كما لم تعد زيارات الإسرائيليين إلى الدول العربية تثير الاستغراب وفود من سياسين يقومون بزيارة إسرائيل! ! ان صح خبر هذا الزيارة يضعوا بذلك العراق وقيادتها وشعبها أمام ما نعتقده أنه (نزق فكري خاص)، وكأنهم لا يفرقون بين «الكيان الصهيوني» المعزول دوليا، بسبب كل ممارسته وضربه لعملية السلام، والاستيطان ! وسيبقى أمر هذا الوفد واختياره هذا التوقيت إلى جانب ارتكاب جريمة «التطبيع السري » ، محل غموض حتى تتضح الأبعاد لهذه الزيارة، بل وحتى تتم محاسبة القائمين بها من خلال المسؤولين والمجلس النواب والحكومة ! ومعرفة من صرح لهم للقيام بهذه الزيارة؟
{ حين يرفض العراق كله ، تصريح محمد الحكيم وتأتي هذه الزيارة التي تم اعتبارها (أول زيارة سري لإسرائيل)! فإن ذلك يعتبر بمثابة (التزوير لإرادة الشعب العراق وخاصة في مثل هذا التوقيت (الملغوم) والمشحون ضد إسرائيل، انتصارا لعروبة وإسلامية «القدس» وكونها العاصمة الأبدية لفلسطين وليس لإسرائيل!
ولهذا فإن من المستغرب في هذه المرحلة أيضا، انتشار «الإشاعات» حول التوجه المتزايد من العراق بالتقارب مع إسرائيل، وخاصة أن مواقف العراق عموما، تنبع من إدراك واضح (للأسباب التي تمنع العلاقات مع إسرائيل)، ولأن دولتنا تدرك طبيعة الشعوب العربية والإسلامية من (التطبيع من دون تحقيق السلام) بأنها طبيعة رافضة، وقد أثبت الشعب العراقي برفضهما التطبيع حتى بعد مرور عشرات السنوات!
أما العلاقات الفردية، أو النخبوية «السرية»، فإنها رغم الرفض الشعبي لها إن حدثت، تبقى في خانة (عدم اليقين) طالما لم يجرؤ أصحابها على إعلانها!
{ زيارة هذا الوفد العراقي ، أمره غريب ومستهجن، ليس فقط لتوقيته، وإنما لطبيعته وهدفه في هذا التوقيت! يتحدثون عن العروبة ، وهم في خانة المهرولين للتطبيع !!!!!
أما «السياسين » الذين يدعون بدورهم إلى التطبيع، فهؤلاء وكأنه (قد بلغت بهم السطحية والنزق والمراهقة السياسية مبلغا لا وصف له)! وهم يروجون أن (القضية الفلسطينية للفلسطينيين ولا علاقة لنا بها) وكأنهم لم يتعلموا درسا واحدا من دروس العقود الماضية منذ نشوء هذا الكيان الصهيوني، أن القضية التي كانت قضية مركزية للعرب والمسلمين، ستبقى كذلك، لاتصالها بالأمن القومي العربي كله، وليس بالفلسطينيين وحدهم إلى جانب كون «القدس» قضية عقائدية لكل المسلمين، وقضية أمن وسلم لكل دول العالم! ولهذا تأتي التغريدات التي (يشيطن كل طرف الآخر بها) في سياق إحداث المزيد من الشروخ والتفكك بين الشعوب العربية، منافية لليقين بأنه لن تنجح أي علاقات أو أي تطبيع مع هذا الكيان من دون حل القضية الفلسطينية حلا عادلا ونهائيا!
{ أما احتفال الصحافة الإسرائيلية بالزيارة (النشاز) فلا يهمنا أمره في شيء، وندعو (البرلمان العراقي ) إلى التحرك، مثلما ندعو المسؤولين إلى محاسبة هذا الوفد الذي لم يقدم إلا الإساءة لعراقيين ولشعبها وتشويه الموقف العراقي من القضية الفلسطينية وإعطاء المبررات لأعداء العراق لشن الحملات العدائية والتشويهية ضدها! والمساهمة في فك عزلة إسرائيل بسبب قرار ترامب، وهو القرار الذي يعني (تصفية القضية الفلسطينية ومفاوضات السلام) ليأتي هذا الوفد «المريب» ويتمختر هذه الوفود ، وكأنه قد حررها من الاحتلال الصهيوني! ويا لبؤس الحمقى والسذج والمطبّعين وخاصة في هذه المرحلة التي يصل فيها العدو الصهيوني إلى كامل استهتاره بالقوانين والاتفاقيات الدولية!
https://telegram.me/buratha