قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
حينما تكلح الصورة بإهتراء القيم، وتغير معاني المسميات الى مضاداتها، أجد نفسي ومن حيث لا أريد، وهي تقتات من مائدة الذكرى، وهي مجاهدة صوفية ثرية نمارسها جميعا، لأننا لا نخسر شيئا ماديا بإستحضارها..
النبش بالذاكرة محفوف بالمخاطر النفسية، لكن إسترجاع الماضي وسيلة فاعلة ومهمة؛ لتقعيد التفكير على قواعد رصينة وقوية، بغية إعادة ترميم الصورة المتهرئة،فضلا عن ونه وسيلة لمواساة جروح العراقيين العميقة، وإن كان برش الملح على الجرح، وهو تكنيك حرب لا دراسة ظروف ووقائع ونتائج!
فيما مضى من سنوات الجمر، قبل أن يتغير نظام القهر الصدامي، كنا نمضي الليالي المدلهمة بالخطوب، ونحن نمارس فضيلة الحلم بالتغيير، وكانت تلك السنوات؛ حُبلى بالشغف الى صورة للوطن، رسمها جواد سليم في ساحة التحرير..
عمليا؛ وكلما يمر يوم عصيب في عراق ما بعد 2003، وكلما حدث ما يخالف العقل والمنطق؛ أتذكر تلك الأيام الصعبة، حيث كانت ثلة تحاول صناعة الحلم، وتحويله بعد ذلك الى حقيقة، بإرادة تخالف منطق الأشياء، السائد في ذلك الزمن الصعب، وذلك بتحقيق الذات؛ والانتصار لحياة أكثر عدلا وأعمق معنى ودلالة، حياة يتجه فيها الناس، إلى أن يصيروا أكثر إنسانية، وأكثر مواطنة وأكثر معرفة.
صحيح ان أدوات تلك الثلة؛ كانت بسيطة وبدائية في معظم الأحيان، لكنها كانت أكثر فاعلية من أدوات اليوم..ربما لأنهم كانوا يضيفون لها بعدهم الشخصي، يوم كانوا شبابا، لكنهم اليوم أيضا يضيفون بعدهم الشخصي؛ وقد باتوا كهولا..
هذه الإضافة مهمة جدا؛ لأنها مترعة بالخبرة، وهي خبرة تعادل إندفاع الشباب في الميزان، وهاكم الحشد الشعبي مثالا، فالكهول وكبار السن في المقدمة، قادة ومقاتلين.
مائدة الذكرى تشاغلني هذه الأيام؛ بمقارنات واقعية لكنها مؤلمة، الطهر والنقاء، قبالة المال والصفقات، الحقائق قبالة الذرائع، العدل قبالة الباطل، النزاهة قبالة اللصوصية ، الصادقون الصديقون، قبالة الكاذبين المدلسين، البدائع والزخارف، قبالة فوضى والجهالة..
لكن ثمة شيء يتم تداوله بقسوة؛ وإن بمعنيين مختلفين تماما، جهاد قبالة جهاد..!
جهاد من أجل الطهر والنقاء، والحقائق والنزاهة والصدق والبدائع، وجهاد من أجل المال والصفقات، والذرائع والباطل، واللصوصية والكذب والتدليس، والفوضى والجهالة..
لسوء الحظ؛ غالبا ما نفهم الأحداث ليس في زمان وقوعها، بل بعد انقضاء زمن عن سريان آثارها، وتلك مصيبتنا.
كلام قبل السلام: الندم هجرة في الإتجاه المعاكس..!
سلام...
https://telegram.me/buratha