قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
السياسة كالعملة، بوجهين، وجه يعنى بالشأن النظري، والوجه الثاني يهتم بتطبيقاتها..السياسة بالأساس مشروع، يتحول بالتطبيق الى إنجاز.
في سوق التبادل السلعي، القائم على قاعدة النقود مقابل البضائع، يجري رفض العملة التي مُسِحَ أحد وجهيها من قبل الباعة، وبذلك يخسر المشتري قيمتها.
تفقد السياسة معناها؛ عندما يغيب أي من عنصريها (النظرية والتطبيق)، لأن السياسة عبارة عن مدخلات ومحرجات،المدخلات هي الأطر التنظيرية، والمخرجات هي التطبيقات.
إذا بقيت السياسة بحدود الأطر التنظيرية، تتحول الى ثقافة سياسية، وإذا أقتصرت على الممارسة التي لا تستند الى أطار تنظيري، تحولت الى فوضى، وهذا هو ما نعيشه فالـ (زعامات) السياسية لدينا، تتعامل بوجه واحد فقط من وجهي العملة، إذ أقتصر مفهوم السياسة لديها؛ على الممارسة المدعمة بسيادة تفكير التغالب.
التغالب نفسه يحتاج أيضا الى تدعيم، ولذلك يرفع الساسة شعارات مرتبكة؛ ومربكة في آن واحد، والشعار يحتاج الى مفاهيمية، التي تغيب هي الأخرى في معظم الأوقات، وغياب المفهوم يؤدي الى فشل المنجز، ولذلك وبمراجعة بسيطة لما أنجزه ساستنا، نجد أنهم لم ينجزوا شيئا أكبر من الفشل!
فمن لا يمتلك رؤية ولا مشروع، ويرفع شعارات يجهل حتى معناها، ولا يتوفر على خطة عملية لإنجازها، ولا يستطيع تشغيل خياله؛ للتفكير في الأساليب التي تنسجم مع طبيعة مرحلته، بما يكفل تحويل الشعار الى واقع، لا ينجز بالحقيقة شيئا أكبر من الفشل!
لأن المفاهيمية غائبة عن رؤوس الساسة، ولأنهم لا يفكرون ولا يريدون أن يفكروا؛ أو يتعبوا أنفسهم بالتفكير، فإنهم يخافون الثقافة والمثقفين، ويسعون لإبعادهم، تجنبا من أن يبدون أقزاما أمامهم، ولذلك تفتقد معظم القوى السياسية العراقية، الى وجود مفكرين في قياداتها، وحتى في صفوفها الثانية أو الثالثة، ومن يكتشفون وجوده في تلك الصفوف، يسارعون الى إبعاده؛ تحت أي ذريعة تتوصل اليها رؤوسهم الفارغة!
نفور الساسة من الفكر والتفكير، مشكلة عصية حولتهم الى أشباه أميين، والمحصلة خطيرة جدا، لأن من لا يفكر؛ سيكون عدوا طبيعيا للفكر والمفكرين، وتؤكد هذه المحصلة الخطيرة، على أستحكام الرغبة بإلغاء العقل، وإستبعاد العقلنة والشفافية والقيم النبيلة، والمُخرَج النهائي لهكذا واقع؛ هو سيادة الجهل والفساد..
ونظرا لافتقار كثير من الأحزاب والساسة؛ لمشروع فكري وعجزها عن الفعل، فقد جرى إستبعاد صناع الرأي، وفتحت الأبواب لقيادات وهمية، وهو موضوع كبير سأتناوله بجرأة في قابل الأيام، وربما سأتعرض بسببه لمشكلات ومواجهات، سأكون الرابح فيها بالتأكيد!
هذه القيادات الوهمية؛ تعج بها اليوم مكاتب الأحزاب والقوى السياسية، وهي من حيث طبيعتها، تتعارض مع المفهوم الحديث للحزب، فضلا عن أن مثل هكذا قيادات وهمية، لا تقبل بالديمقراطية، لأن الغطاء الحزبي لديهم، ليس إلآ وسيلة للحصول على الامتيازات، وفي أفضل توصيف لهم، فإنه يمثلون ناسورا في مؤخرة تلك الأحزاب..!
كلام قبل السلام: أحيانا أصارع نفسي بجنون؛ ولكن عقلي ينتصر في النهاية..!
سلام..
https://telegram.me/buratha