قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
قبل يومين أتصل بي على الخاص في التليكرام أحد"هم"، والحقيقة أن أسمه لم يظهر عندي، فقط ظهر رقم هاتفه الجوال، وقال لي أنه يتسائل عن جدوى كتابة المقالات ونشرها..لاحقا عرفت من يكون، فقد وفر لي برنامج أليكتروني فرصة مجانية للتعرف على أسمه،وكان شخصا من المنخرطين بالحقل السياسي، فهو عضو في الهيئة العامة لقوة سياسية معروفة!
حاولت أن أفهمه بأن كتابة المقال فن أدبي رفيع، الغاية منه أن يستطيع المرء ترتيب أفكاره بشكل منتظم، ويقدمها الى المتلقي في طبق مستساغ مع التوابل، حاولت أيضا إفهامه أن الأفكارالمبنية بناءا سليما، هي تلك التي أستطاع حاملها أن ينسقها بشكل جيد، ولن يكون ذلك ممكنا إلا إذا كانت مكتوبة، وقلت له أن ما مكتوب يبقى في ذهن المتلقي؛ حيا متفاعلا أمدا طويلا، وأنه لولا الكتابة لضاع تراث البشرية ولم يصلنا منه شيء.
أجهدت نفسي معه كثيرا، لكن كان من الواضح، أن الرجل لا يمتلك سوى الثقافة الشفاهية، وأن مصدر ثقافته الحالي، هو جهاز هاتفه الجوال فقط، وأن جل معارفه الدينية؛ قد أستقاها من سماعه عددا من محاظرات الشيخ الفلاني، وتأكدت من ذلك بعد أن أعترف لي؛ بأنه لايمتلك كتابا واحدا، لأنه ليس بحاجة الى الكتاب في عصر الفيسبوك، كان ذلك إجابة على تساؤلي عن مصدر معارفه السياسية!
الكارثة أن صاحبنا، متخرج من كلية من الكليات الأهلية كما قال لي! وكان واضحا من كثرة الأخطاء الأملائية في مداخلته أنه شبه أمي، حيث يكتب (لآكن) وهو يقصد (لكن) وحيث يكتب (قريبتن) وهو يريد القول (قريبةً) وحيث يقول (الهم) وهو يريد(أللهم) وحيث كتب(نحنو) وهو يبغي (نحنُ)، وحيث كتب (المشتمع) وهو يريد (المجتمع)..
تيقنت أني لن أستطيع إنهاء الحديث معه لصالح الحقيقة، لأن الرجل كان يحمل فكرة يؤمن بها إيمانا قطعيا، بأن لا جدوى من الكتابة، وحينما عددت له أسماء كتاب كبار؛ وفلاسفة ومصلحين عراقيين وعرب وعالميين، وأشرت الى دورهم في إغناء الحضارة العالمية والأسلامية، قال لي بأن هؤلاء لا يقرأ لهم أحد، وأن كتبهم حبيسة المكتبات..!
سألته هل تعرف علي شريعتي؟ أجابني "شيبيع هذا"..! وهل قرأت لمحمد باقر الصدر؟! قال أي نعم قرأت له كل كتبه!.قلت له وما هو أفضل كتاب قرأته له، قال لا أتذكر!..وواضح أنه كان في مأزق فأضطر الى إدعاء عدم التذكر!
بكل ما متوفر لدي من إمكانات معرفية، حاولت أن أدفعه الى التفاعل الإيجابي، مع حقيقة أن الثقافة والعلوم والآداب؛ والمعارف العالمية هي تلك المدونة فقط، وأن الثقافات الشفاهية؛ تنتهي بإنقضاء زمن سماعها، أو بعده بقليل..لكن الرجل كان "قافلا"، وأنه معاد بشكل سافر لأي ثقافة مكتوبة!
كلام قبل السلام: في ختام محادثتنا وهي محفوظة لدي، سألني ما الفائدة من كتاباتك، ومن يقرأها أو يستمع لها؟!..أجبته بسرعة: هي موجهة للبشر فقط..!
سلام..
https://telegram.me/buratha