قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
يكشف ما يجري في محافظة البصرة؛ من توترات وأعمال عنف وأحتجاجاجات، أن معظم أسباب ما يجري؛ ليست هي تلك المعلنة، والمتعلقة بمطالب البصريين بحياة حرة كريمة، لسكان أرض هي التي تهب باقي سكان العراق، معظم أسباب حياتهم، فظروف سكان البصرة الحياتية، هي ذاتها ظروف باقي العراقيين، ولكن بإختلاف قليل في هذا المفصل أو ذاك.
البطالة في البصرة هي بذات المعدلات في بقية المحافظات، وربما بمستويات أقل نسبيا؛ من محافظة السماوة المنسية، أو محافظة نينوى المسبية، أو حتى محافظة كربلاء، التي تحول نصف سكانها الى باعة جنابر! وهكذا في باقي قصص البنى التحتية؛ والخدمات والصحة والتعليم.
السبب فيما يجري في البصرة؛ هو أن مسوخ الديمقراطية العراقية، يعرفون أن البصرة هي الدجاجة التي تبيض ذهبا، وأن كل منهم فردا أو حزبا أو كتلة، يريد سلة البيض كلها له وليس "حصة" منها، ولذلك حولوا البصرة الى ساحة صراع للوصول الى أهدافهم، وكانوا أذكياء جدا، وهم الشطار العيارين المخضرمين، إّذ أستخدموا آلام البصريين وأحتياجاتهم، كادوات محلية في صراعاتهم، وهم لا يبالون إن إحترقت البصرة لتحقيق أهدافهم، فقد سبق لهم أن أحرقوها قبل عدة أشهر، وهم على أستعداد دائم، لأن يعيدوا اللعبة كلما تطلبت فصولها ذلك!
قد يبدو هذا السرد ليس مقبولا؛ بل ومناوئا لمن سُمّوا زورا بالديمقراطيين، وقد يفهم بشكل مبهم وغريب؛ لغير العارفين لما جرى في العراق منذ 2003، ذلك المخاض العسير الذي أنجب التعددية الحزبية الهلامية، التي مع أنها لا تعبر بصدق عن الحال العراقية، ولا توفر الحد الأدنى من تطلعات العراقيين، لكنها سرعان ما تمّ وأدها في المهد، بواسطة أفعال هؤلاء المسوخ الهجينة..
المتابع عن كثب، يعرف بأن الديمقراطية بنسختها العراقية، ما هي بالحقيقة إلاّ قفازا حريريا، يضعه لص سياسي محترف، يسرق حلم العراقيين بديمقراطية حقيقية؛ يعرفون من خلالها أين ذهبت أصواتهم..هذا اللص السياسي، وهو متمثل في كثير من العناوين السياسية، لم يكتف باللصوصية؛ وتسوره سياج ديمقراطية الشعب العراقي الوليدة، بل سلك في سبيل تحقيق غاياته المشبوهة؛ كل مسلك مشبوه، بكل أمتدادات الشبهات وإفرازاتها وقيحها.
معظم لصوص السياسة العراقية، منغمسين بلعبة الدماء التي تلطخت أياديهم بها، لكنهم كشطار وعيارين أصلاء؛ لبسوا قفازات الديمقراطية الحريرية، على تلك الأيادي المعروقة المتلطخة بالدماء ليخفوها، وليوهموا مواطني البصرة، بأنهم يرعون مصالحهم ويسهرون على حمايتهم، مع أن اشباه الساسة هؤلاء، لا يرعون إلا مصالحهم، ولا يسهرون إلا على تحقيق مآربهم؛ مهما كانت خسيسة ووضيعة..
تثقفنا أدبيات السياسة؛ على أنّ الديمقراطية تعني حكم الشعب، وتعرف الديمقراطي؛ة بأنّها تعني التداول السلمي للسلطة، وأنّها تعني حرية التعبير عن الرأي والمعتقد والتصرف المسؤول، وأن الديمقراطية تعني احترام حقوق الإنسان، ويقال ويقال، لكن ما يجري في البصرة ليس ديمقراطية بالتأكيد..الديمقراطية في العراق كنبتة صبار، ولا يمكن أن نتوقع نبتة الصبّار أن تثمر تفاحا!
كلام قبل السلام: من الأفضل لنا أن نعرف أصل الأشياء وماضيها، كي لا يصدمنا المستقبل معها..!
سلام..
https://telegram.me/buratha