علي الطويل
لعل من اخطر المشكلات التي اعترضت تطور وانتعاش المجتمع ورقيه في العراق هو العنف العشائري ،والعنف العشائري بشكل مبسط هو قيام مجموعة من الافراد تنتمي الى عشيرة ما بالاعتداء الجسدي او اللفضي على فرد او افراد اخرين من عشيرة اخرى ، وهو من اخطر انواع العنف وذلك لاستخدامه كافة انواع القوة التي قد تودي بحياة الاخرين ، وعلى طول مراحل التاريخ المعاصر للعراق نجد انه في كل زمان تضعف فيه الاداة التنفيذية في الدولة ؛لأي سبب كان؛ يزداد نفوذ العشيرة وهيمنتها وسطوتها ، فغياب تنفيذ القانون يؤدي الى ان تاخذ العشيرة دورها في استحصال الحقوق ،والكثير من افراد المجتمع عندما لايجد جدوى من اللجوء الى اجهزة الدولة في استحصال حقه المسلوب ، فان العشيرة تكون هي الملجأ لكي تنتزع حقه من الافراد او الجماعات التي سلبته . واخطر مانؤشره في هذا المجال هو امتداد هذا العنف في ايامنا هذه الى كافة مؤسسات الدولة الصحية والمدرسية والجامعات والمؤسسات الخدمية وكذلك في التنافس على بعض المناصب الحكومية ، اذ شهدنا مجموعة كبيرة من ظواهر العنف وفرض الاتاوات وفرض بعض الامور التي تتقاطع مع خطط الدولة وبرامجها ، وقد يكون هذا الذي يحدث من اسوء مامرت به الدوله العراقية في تاريخها المعاصر .ونستطيع ان نجمل عدة اسباب لازدياد حدة العنف بهذه الطريقة في وقتنا هذا ومنها:
*غياب سلطة القانون وضعف تنفيذه من قبل الاجهزة التنفيذية واسباب ذلك متعددة واولها الفساد المالي وعدم كفائة القائمين عليها وعجزهم عن وضع الخطط الكفيلة باستيعاب العشائر وجعلها سندا لاجهزة الدولة بدل ان تكون معوقا لتنفيذ القانون ، وكذلك المجاملة في تطبيق هذا القانون وفق المصالح الخاصة للقائمين على تطبيقه
*الاجندات الخارجية التي تريد تمزيق وحدة الصف العراقي بشتى انواع العنف ومنها العنف العشائري عبر ضخ الاموال وافتعال الازمات بين العشائر المختلفة
*اهمال الحكومات المتعاقبة لوضع برنامج سياسي قانوني اجنماعي للقضاء على الظاهر السلبية ومنها المشاجرات العشائرية التي تحدث بشكل يومي ، في الدوائر الحكومية والاسواق والمؤوسسات المختلفة .
*انتشار السلاح بكافة انواعه الخفيف والمتوسط وحتى الثقيل في بعض الاحيان وعدم السيطرة على تهريبه مما ادى ان يكون ذلك سببا للارتزاق والمتاجرة عبر التهريب.
*ضعف الاعلام وقلة البرامج التي تزرع روح المحبة والتألف والتكافل الاجتماعي بين افراد المجتمع .
*ولعل العامل الاقتصادي وفقدان فرص العمل ايضا هو احد الاسباب التي تؤدي الى العنف عبر ايجاد طرق بديله لتمويل الفرد لنفسة وسد حاجته اليومية فيتخذ الاساليب الغير مشروعة في استحصال الرزق ومنها التسليب ونهب اموال الدولة محتميا بقوة عشيرته .
وتاتي زيادة خطورة العنف العشائري من امتداد وجود العشائر في ارجاء مختلف من العراق فاي شرارة ممكن ان تمتد الى محافظات اخرى ، وما حدث في البصرة خير دليل على ذلك. ونحن في هذا الحديث لانرغب ان يفهم اننا نريد ان نبخس دور العشائر العراقية التي كانت لها ادوار كبرى في صناعة التاريخ المعاصر للعراق ، واخرها استجابة العشائر العراقية لفتوى الجهاد الكفائي وزج ابنائها في الحشد الشعبي ، ونخوتها لحاجة الوطن لابنائه بعد احتلال داعش لثلث ارض العراق . ولكن مايهمنا هو هذه الظاهرة السلبية التي تفشت وبشكل كبير في مجتمعنا وغياب الحلول العملية لاحتوائها .
لذلك فان من المهمات الكبرى للدولة للمرحلة المقبلة هو ايجاد الحلول لاسباب هذا العنف وتجاوز كافة اسبابة ومعالجة ظواهرة بشكل خلاق يحفظ كرامة العشيرة وافرادها ويفرض سيادة القانون عبر تقوية الاجهزة التنفيذية معنويا وماديا والقضاء على الخمول واللامبالات في ادائها ،وايجاد القوانين اللازمة التي تضع الحلول لهذا العنف الذي اذا ماترك فانه سيكون احد الاسباب الرئيسة لتمزيق وحدة الصف وسيكون بديلا للطائفية والعرقية وسنشهد اقطاعات عشائرية لها كيانها بغياب كيان الدولة واجهزتها
https://telegram.me/buratha