قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
تحول موضوع تغيب أعضاء مجلس النواب عن جلسات البرلمان، الى "ظاهرة" رافقت عمل المجلس، في كل الدورات البرلمانية ومنها هذه الدورة، وفي أغلب الأحوال تتجاوز نسبة الغياب عن ثلث أعضاء المجلس، فضلا عن أن قرابة ثلث المتبقين، يفضلون ممارسة نشاطهم في كافيتريا البرلمان أو المركز الأعلامي، وليس في قاعة البرلمان،و في دورات سابقة؛ بعض النواب لم يحظر سوى جلستين أو ثلاثة، وأحدهم حظر الى جلسة لترديد القسم منفردا، وكانت تلك هي جلسته الأولى والأخيرة، ولم يحظر بعدها قط!
يكشف هذا الوضع عن خلل كبير في المؤسسة التشريعية، إن في طريقة إدارتها، أو في الضوابط الأخلاقية؛ التي يمارس عضو المجلس النيابي من خلالها مهامه، أو في النظام الداخلي لمجلس النواب، الذي منح عضو مجلس النواب صفة ملكية، فهو مصون غير مسؤول، لا يحاسبه إلا من خلقه، وحتى هذا الحساب يتوقعون الفرار منه؛ بسلال غذائية يوزعونها على بعض الفقراء..!
الحديث عن لا أخلاقية غياب النائب؛ عن جلسات المجلس ليس جديدا، وهذه ليست أول مرة، تطرح فيها مسألة غياب النواب، فقد سبق لرئيس مجلس النواب السابق؛ أن هدد باتخاذ إجراءات لردع المتغبيبن، مع أن هذا الإجراء من شأنه؛ أن يعيد للمؤسسة التشريعية مصداقيتها ، من دون أن يفلح في مسعاه، وذلك بعد أن عادت مؤخرا، لتثير المزيد من الجدل السياسي، وتغري الكثير من الكتاب بالكتابة عنها في على أعمدة الصحف ، وتبدو وكأنها بحاجة الى إيقاظ حس المواطنة تحت قبة البرلمان..
الاقتطاع من رواتب النواب المتغيبين؛ يمثل شروعا فعليا، في التطبيق الحرفي للنظام الداخلي لمجلس النواب، ويحمل إشارة قوية على دخول النظام، إلى مجلس النواب نفسه٬ وعلى أنه لا توجد سلطة فوق القانون، بما في ذلك السلطة التي تشرع القانون، لاسيما وأن ظاهرة الغياب؛ وصلت في مجلس النواب حدا، صارت فيه بعض مشاريع القوانين؛ تمر بنسب مثيرة لعلامة الاستفهام.
ظاهرة غياب النواب عن البرلمان، تعطي صورة سيئة عن عمل البرلمان، وتبدو وكأنها إشكالية يستعصي حلها، فمن غير المقبول، أن يفتح المواطنون أجهزة تلفزيوناتهم، ويشاهدوا البرلمان أشبه بالفارغ، الأمر الذي ينعكس سلبا، على سمعة المؤسسة التشريعية.
تبدو قصة الاقتطاع من رواتب البرلمانين المتغيبين، نكتة سخيفة؛ خاصة بالنسبة للميسورين منهم، وذلك بلحاظ أمرين الأول؛ أن من النواب من لا يأبه لأي إستقطاع من مدخوله الشهري، فهم لا يعولون على هذا المدخول، الذي يبدو قزما صغيرا، إزاء ما يجنونه من موارد متعاظمة، من نشاطاتهم في أوجه الفساد المتعدد،ة التي أجادوها وأحترفوها.
الثاني؛ أن بعضهم يجد نفسه أكبر من المنصب النيابي، الذي لا يعني له شيئا، وهو يستخف به وبسبب ذلك؛ يستنكف عن حضور الجلسات، وهذا الأمر يبدوا واضحا للعيان في "كبار" الساسة..ولهؤلاء فإن عملية التشهير عن طريق نشر أسماء المتغيبين، تبقى هي الأجدى والأكثر فعالية وتأثيرا، لأن حالة فراغ المقاعد أثناء الجلسات النيابية؛ صارت تطرح أسئلة أخلاقية وسياسية، بخصوص مضمون التعاقد الذي حصل بين ممثلي الأمة والشعب.
المواطنون لا يخفون قرفهم من انتهازية بعض النواب، الذين يبذلون كل ما في وسعهم، خلال الحملات الانتخابية، من أجل كسب الأصوات، والفوز بالحصانة، ثم يتوارون عن الظهور، بمجرد ضمان المقعد المريح، والأجر السمين في البرلمان.
كلام قبل السلام: يبدو أن الديمقراطية عملية باهضة التكلفة؛ دون نتائج مفيدة، إذ تنتج بضاعة ليست مفيدة..!
سلام..
https://telegram.me/buratha