المقالات

فوضى إعلامنا سر خرابنا


محمد كاظم خضير

 

الإعلام الرابح دائما, هي أن يقول ما يعتقد بصدق ".هذا هو مبدأ الحقيقي في الاعلام أجدني أنا أيضاً على ضوء تجربتي كمتابع لوسائل الإعلام العراقية الملتزمة أخلاقياً ومهنياً بأن تقول ما تعتقد به, فأنا ومثل كل العراقيين استبشرت خيراً بتوجه الدولة بعد 2003 الجاد نحو فتح الفضاء السمعي والبصري مدرك ربما أن إحتكار الصورة والصوت المتمثلة في نظام السابق الهدام في الخبر أصبحت نظرية غير مجدية وأضرارها أكثر من منافعها على الدولة.

فأمام ثورة الإتصالات الحديثة والإنترنت لم يعد بالإمكان إخفاء الخبر أو محاولة التأثير على التوجه السياسي و الإعتقادي للمواطنيين عبر التحكم في نوعية الخبر ومصدره , كما أن التوجه الديموقراطي الذي ترغب فيه الدولة والجاد في ترويج مناخات سياسية ومجتمعية تبرز أن النظام الحالي مختلف في طريقة تفكيره عن الأنظمة السابقة بل وأكثر نضجاً ووعياً منها كان له الإسهام الأكبر في فتح هذا الفضاء , فظهر مع هذا التوجه مجموعه من القنوات الخاصة التي لها ربما مقاصدها الثقافية و الربحية أو مهما يكن إلا أنها تبقى رافعة حقيقية للمجتمع العراقي نحو المدنية وترسيخ الهوية وتمكين مفهوم الدولة.

وبالطبع لكل عمل عيوبه ونواقصه مهما كان في نظرنا مثالياً,وما يبرز تلك العيوب غالباً هو النقد الجاد والغيور , ولعل أبلغ مثال أتذكره سيكون للمفكر الألماني "ليفي شتراوس" حين يقول "ليس النقد سوى ورشة إصلاح!", فرغم أن الإعلام الخاص - المرئي تحديداً- عمره قصير جداً إلا أنه لم يصل بعد لمستوى الآمال الوطنية الجادة المعقودة عليه ولايبدو قادراً في الوقت القريب على تبني تلك الآمال كهدف استراتجي , بل هو آخذ في التحول إلى إعلام "مافياوي" يتبع أسر معينة أي أنه تحول من مؤسسة مجتمعية , إلى مجموعة من الشركات الخاصة تدير مصالح معقدة إما بالتماهي مع الدولة أو وخزها بطريقة لطيفة لتذكيرها بأن تلك القوى المسيطرة على تلك الجهة الإعلامية ربما متضايقة قليلاً!والمصالح هي من تدير الدفة في النهاية بالطبع,لعله ظهور قوى جديدة , وتطور سلبي صاعد ,

فقديماً كانت الأنطمة تتعامل مع شيوخ القبائل ووجاهاتها حتى تضمن ولاء الدولة , واليوم هناك "شيوخ الإعلام" القادرين اليوم ومستقبلاً على التأثير في شرائح أكبر وأوسع من الشارع, وإرضائهم يجب أن يكون غريزياً لأنهم في النهاية يمثلون السلطة الرابعة!,

أنا حقاً مستغرب من أن هذا "الإنفجار الإعلامي" في فترة وجيزة وكيف لم يجد الإهتمام الكافي من النخبة في العراق , وكيف لم تعقد الندوات لتبحث في أدق تفاصيله وتأثير هذا الحدث على جميع مفاصل "المجتمع" وماذا قد يترتب عنه , أقصد هنا بحثاً جاداً وليس مجرد حديث عابر , بل من الجدير أن يؤرخ به لأنها ربما حدث صارخ وبالتأكيد له تبعاته العميقة والعمودية في المجتمع إيجابية كانت أم سلبية ,

فالقنوات الخاصة تحولت مؤخراً إلى وجهه طبيعية للباحثين عن العمل , سوق عمل جديد يستوعب طاقات الشباب ويحل بعضاً من مشكل البطالة المعقد وخاصة للفتيات اللواتي وجدن في الإعلام عملاً أنثوياً يناسب طبيعة المرأة , كما أن موروث العادات ساعدهن في التوئمه بين فكرة أن النقاش و طول الحديث هي من صفات المرأة وهي من صفات الإعلام , لعلها توئمة ساذجة على بساطتها, إلا أنها دقيقة حين التوغل فيها, فأصبح العنصر النسائي بذلك هو الطاغي والراغب في التوجه الى هذا النوع من العمل ومع كل هذا الزخم أصبح العرض أكثر من الطلب وتحولت هذه "القنوات الخاصة" إلى أداة فجة واستغلالية فهي لا تطلب شهادات عالية أو خبرة مبدئياً ,

وبذلك تبرر عدم توقيع عقود دائمة مع موظفيها فتتهرب بذلك من دفع رواتب محترمة ومن مواعيد ثابتة لدفع الرواتب أو الإلتزام بعقود ثابتة وملزمة قانونياً, وبالطبع غير متخوفة من تمرد موظفيها أو مغادرتهم لأنها وببساطه تحولت إلى وجهة بسيطة لكل من أكتشف فجأة أنه يصلح إعلامياً , وبذلك تحولت لمصنع كبير "للبطالة المقنعه" ,اولئكالذين يعملون بدون أي مردود,والدولة هنا لم تتدخل ولن تتدخل في القريب العاجل , لأن المصالح معقدة وبيروقراطية الأعذار التي سوف يقدمها القائمون على هذه المؤسسات الإعلامية متشعبة ولا يمكن فك طلاسمها بعد!,

لعل وضعية العراق مؤخراً , وكل هذا التمايز والتباين الحاد , سببه الإعلام الذي أثبت أنه يمكن أن يتحول إلى أداة لطيفة تمسح دموع المجتمع العراقي وتوصل آهات الفقراء , كما أنه يمكن أن يكون أداة حادة , قادرة على قسم كل مجتمع إلى نصفين أو أكثر , ولعل البعض استنتج قديماً هذه الحقيقة ,فأدرك أن الإعلام اليوم هو السلطة!,والإعلام هو المادة!, .. كما أن الإعلام هو الطبيب وهو كذلك ..الشيطان!

لذلك يجب أن نحول إعلامنا العراقي بشقيه الحكومي والخاص إلى إعلام ناضج ووطني إعلام قادر على حمل هموم المواطن وإيصالها , أتمنى أن يكون ذلك بإرادة واعية للقائمين على هذه المؤسسات ومع تدخل ناضج من الدولة لتسن قوانيين تنظيمية واضحه تساعد على ابراز النيات الحسنة دون السيئة ,وبدون المساس طبعا بحرية الإعلام المقدسة وإيماناً منها بأهمية الإعلام كداعم لنهضة الشعب العراقي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك