قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
في أوائل سبعينيات القرن العشرين، أسَرَّ الملك السعودي فيصل إلى كبار، أعضاء العائلة المالكة، تخوفه من أن يكون مصير المملكة، كما انتقلت من «ركوب الجمال إلى ركوب الكاديلاك في غضون جيل واحد...أن يعود الجيل القادم إلى ركوب الجمال مرة أخرى».
اليوم تبدو تحذيرات الملك السعودي؛ أكثر حضوراً من أي وقت مضى، إذ لاشك أن البوصلة الأمريكية تجاه بلاده والمنطقة قد تغيرت، فقد تكشف للعالم أجمع، أنه يقف إزاء مشكلة كبرى، تتمثل بتراث تكفيري ترعاه مملكة آل سعود، المدججة بآلاف المليارات من الدولارات المعفرة برائحة الدم.
عالميا، و"بفضل" هذا التراث فإن الإسلام اليوم، رديف للإرهاب والموت والدمار والتخلف، وأسمك محمد أو حذيفة، أو عبد القادر، مشكلة لك في مطارات العالم، وستخضعلأسئلة وشكوك وعزل وتحقيق وتدقيق، وإذا كنت شرق أوسطيا بلحية إسلامية، ستفترسك عيون ضباط الجوازات، وكأنك قادم من مجاهل التأريخ!
إسلاميا؛ يتضح جليا أن ما يجري على أرض بلاد الإسلام من نكوص، ليس إلا تطبيق لمفردات المشروع السعودي، بهدفه النهائي؛ المتمثل بنشر العقيدة الوهابية التكفيرية، ورغم إدعاء القادة السعوديين خدمة الحرمين الشريفين، إلا أنهم باتوا عراة أمام العالم الإسلامي، فقد قدموا خدمات كبرى لأعداء الإسلام، وتحقق على يدهم، ما لم تستطع الحروب الصليبية، أو الصهيونية العالمية، تحقيقه من إنتصار كبير على الإسلام!
اللافت أن تزاوجا حصل بين هذا المشروع، والمشروع الأمريكي في الهيمنة على المنطقة، كوسيلة لتأمين وضع إسرائيل، وباستثناء مرحلة توتر محدودة مع الادارة الاميركية بعد تفجيرات 11 ايلول، فان السعودية انخرطت وذابت في المشروع الأميركي، ووظفت لخدمة نجاحه، جميع إمكاناتها وعلاقاتها ونفوذها، على المستويين العربي والإسلامي، ومع ذلك فإن البوصلة الأمريكية لم تبق على حالها، متجهة نحو السعودية!
لماذا؟!
في العراق تحمل الشيعة وصبرهم فاق التصور، وهاهم يحتفلون بالذكرى السنوية الأولى، لطمر داعش تلك الصناعة السعوأمريكية السيئة، فيما محور إيران ـ روسياـ سورياـ حزب الله، قَلَبَ الأحتمالات رأسا على عقب في سوريا، في اليمن والبحرين؛ كان غليان المرجل أكثر من المسموح؛ فضلا عن تصاعد تأثير البراغماتيين في القرار الأمريكي.
كل ذلك أجبر أمريكا أن تراجع حساباتها، وتعيد بناء تصوراتها من جديد، ولذلك ألغوا إتفاقهم النووي مع إيران ، ولذلك جيء بـ "ترامب" كرجل أعمال شايلوكي، يعرف جيدا أن للسياسة ثمن كبير، وها هو يتحدث عن أفق جديد للسياسة الأمريكية في المنطقة: "إذا تريدون جيوشنا وأساطيلنا لحمايتكم، فإن عليكم أن تدفعوا التكاليف كاملة مع الأرباح"!
كلام قبل السلام: "ترامب" وهو رجل أعمال ناجح، لم يحدد نسبة الأرباح، فضلا عن أنه لم يقدم فاتورة تفصيلية، لذلك سنشهد قريبا تحولا دراماتيكيا في البوصلة الأمريكية، مؤداه حلب آخر دولار في جيب السعوديين!
سلام...
https://telegram.me/buratha