محمد كاظم خضير
شعب عرف الفقر مبكرا و لما حل به الإحتلال وجده فقيرا، ثم استقلت بلاده و هو فقير، و تتلات الأحكام الدكتاتورية والديمقراطية و كلاهما معا و لم تزده إلا فقرا و افتقارا على الرغم من وفرة و تنوع الخيرات التي كشفت عنها التنقيبات و البحوث الجيولوجية.. خيرات نهبت على أيدي العصابات منذ ظهورها أول مرة من دون مردود على البلد و ساكنته، كما ضيعت أرض نهره الخصبة و شطه من الانهرالأغنى بالسمك و البترول و البترول في العالم ذات العصابات، و ظل كذلك فقيرا و كأن قدره الفقر.. لا وجود له من دونه.. و ها هو اليوم، و بعد مسار سنوات طوال يغط في ذات الفقر و تذهب خيراته الوفيرة سدى لا تستفيد منها إلا طغم قليلة من المفسدين القبليين الشرائحيين على أوتار نغمات السيبة النشاز...فلا سيارة تركب في البلد أو جرار أو ثلاحة من صنع البلد أو تركيبه، و لا بنى تحتية تسدي خدمات للحياة المدنية التي توحدت معالمها في كل أرجاء الدنيا... إنه الخواء المريع و الاستهلاك الفظيع و الضياع و التضييع.. و يغني المستفيدون من عقلية السيبة الظالمة الجاهلة الكسولة المتحايلة على الدين و البلد و لا يبكي الشعب الدي لا يملك دموعا تحزن أو تحس أو ترفض.
وا حسرة على وطن الغبن في كل مرة أشاهد بعض بلاد الله الواسعة، تنتابني حالة من الحزن و ينقبص قلبي و تتحسر نفسي من هول المفارقة بين الذي شاهدته لتوي و بلادي التي يسكن حبها مهجتي و أحشائي.. انقباض نفس يكاد يزهق الروح من هول الفرق في البنى التحتية و الحالة الصحية و النفسية للناس.. و كأنما هنا لم يمر علينا يوما قطار التحولات الذي أخذ السكة منذ قرون..
و كأن الأرض أيضا لاتنبت و الناس صيام على أديمها.. ضعف شديد يعتري الأبدان، يقلص قاماتها و يغرز عيونها في الجماجم.. و من حيث أتيت القامات طويلة و الأبدان ملآى نحضا و شحما و العيون متفتحة باسمة، وجوهها الناضرة..
في الدول تقرأ الوطن و حال أهله... كتاب مفتوح مغبر و هزيل المحتوى.. و على وجه الغلاف الأخير يشد انتباهك فصل سقيم من العنتريات و الأمجاد الأسطورية عن أمة يذيبها التخلف و يطحنها الغبن و يذلها الجهل و ترهقها عصابات النهب و الغدر الشيطاني المزمن بلا حياء أو وخز من ضمير. فهل يستقيم عود و ظل العراق .
https://telegram.me/buratha