قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
من أين تستمد السياسة مشروعيتها، وعلى ماذا تتأسس؟ وما هي طبيعة وجود العنف داخل السياسة ؟ وما الغاية من ممارسة السلطة السياسية؟ وأمضي في أسئلتي التي "دوختني" كما "دوخت" غيري وبقيت بلا جواب! ومنها؛ هل يمكن تحقيق العدالة بلا عنف؟ أم أن العدالة لا يمكن تحقيقها إلا بالقسر؟ أم أن ثمة وسائل أخرى لتحقيق العدل؟
ثمة قلق شعبي واسع؛ من المآلات التي انتهت إليها العملية السياسية، وشيئا فشيئا يتحول القلق الى مخاوف حقيقية، بسبب العبث الذي تشهده ممارسات بعض الأحزاب والقوى السياسية، لاسيما الائتلافات الكبرى منها، والتي لا تحسب حسابا للزمن وللمواطن في مواقفها، والتي آخرها التعطيل المتعمد وبفجاجة، إتمام تشكيل الحكومة.
إنه مآل مؤسف حقا؛ يقترب من درك الحضيض سريعا، بلحاظ أنهم يدركون خطورة الممارسات الخاطئة، ولكنهم يمضون قدما في الأخطاء، سيما الممارسات التي تلعب في المساحات؛ التي يحرم اللعب فيها، لأنها ليست مخصصة للعب.
طرحنا هذه الأسئلة المتراكمة، في جلسة حوارية مع بعض صناع الرأي، لامسنا فيها الفكر والسياسة والواقع، وقال أحد المشاركين متسائلا، هل قرأت القرآن الكريم؟ ولما أجبته: نعم! قال لي أذن أما قرأت «لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف، فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف» ؟ فتقدم الجوع على الخوف، أي تقدم الغذاء على الأمن، لأن الغذاء مدخل الأمن..؟
ثم أردف يقول؛ أو ما تعلم أن فاقد الغذاء، يكون فاقدا لصحته وسلامة جسده ونفسه، ويكون فاقدا لحقوقه وحريته وكرامته، كما يكون فاقدا لحصانته، ومناعته وممانعته ومقاومته؟ وأن الغذاء هو مدخل الكرامة الإنسانية، وحرمة الشعوب، واستقلال الدول وأمن الناس جميعا؟
أمطر صاحبنا الحظور بمزيد من الأسئلة الكاشفة، فتسائل؛ أو ما وعيت كيف كفى الله قريش، من أخذ الإيلاف من الملوك، فتحقق لقريش الأمن الغذائي، وهو مدخل الأمن النفسي والقلبي والاجتماعي والسياسي؟.
قلت له، ولكني قرأت أيضا قوله تعالى " ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة، يأتيها رزقها رغدا من كل مكان، فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون، ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون".
قال لي هي السياسة ومصالح الساسة، وهي التي أجاعت قريتنا "العراق" وأخافت أهلها ومزقتنا شذر مذر.
توصلنا في النهاية الى نتيجة حاسمة، وهي أن ثمة تناول مخطوء لدى الساسة؛ لمفهوم السياسة، فهم يرون أنها أن تبذل الجهد، لكي تصير وزيرا أو نائبا برلمانيا، منحين جانبا أن السياسة؛ هي أن تشتغل لمصلحة المواطنين والوطن، وليس بالضرورة عبر بوابة المنصب، فهنالك العديد من الأبواب التي تنفتح لخدمة الوطن.
في هذا الصدد فإن من المستغرب جدا؛ أن يأتي مسؤول سياسي، يتموقع في المواقع المتقدمة من العملية السياسية، ويستعدي أبناء الوطن بعضهم بعض، عبر أطروحة التلويح بقوة الشارع، وبكشف الملفات، وبالتلويح بالقوة المسلحة إن أقتضى الأمر، ساحقا الشعب والدولة تحت أقدامه، وكأن ليس لدينا برلمان منتخب، ولا سلطة قضائية يعتمد عليها!
كلام قبل السلام: لعبة لي الأذرع؛ التي أدمن ممارستها ساسة بعينهم، تمثل مصداقا صارخا؛ لهذا النزوع نحو الفوضى والتهديد بها..!
سلام...
https://telegram.me/buratha