علي الطويل
كثيرا ماسمعنا عن الشعار الاستعماري البغيض الذي اتخذته الدول الاستعمارية في نهايات القرن التاسع عشر وما قبلها وبدايات القرن العشرين (فرق تسد) استغلت فيه هذه الدول بساطة الناس وجهلها بمجريات السياسة والحرب النفسية والمكر والخداع الشيطاني التي تمارسه هذه الدول وعلى راسها بريطانية ووريثها بعد ذلك الولايات المتحدة اذ كانت تلجأ الى التفرقة المذهبية والعنصرية لتفتيت الدول تمهيدا لالتهامها وتحقيق مشاريعهم المعدة سلفا ، ومنها الكيان الاسرائيلي تلك الغدة السرطانية التي زرعت في قلب العالم الاسلامي وقد هيأت دول الاستعمار ولاجل حماية هذا الكيان حكومات اعدتها لتكون تابعة وذيول تأتمر باوامر تلك الدول المستعمرة والغاصبة ، وبهدف تنفيذ مشاريعها اللاحقة ايضا .ولاجل ان نعطي هكذا موضوع حقه نحتاج الى صفحات طويلة لانه موضوع متشعب ولكن مايعنينا هو مايحدث في ايامنا هذه حيث اججت الولايات المتحدة ومنذ بدايات القرن الحالي والى اليوم الصراعات الطائفية والحروب الدينية التي تعتبر من اقوى اسلحة الانهاك والتمزيق وقد نجحت في ذلك بمساعدة الدول المتحالفة في مشروعها الاستعماري الصهيوني وخاصة في العراق مستثمرة الافكار الدينية التكفيرية لتكون اساسا ومنطلقا لمشروعها الذي ارادت به ان تهيمن على العراق وتبتلع خيراتها ، وقد اوجدت قواعد اجتماعية واستثمرت قواعد اخرى واساسات موروثة من سياسات النظام المقبور بنت عليها مشروعها الطائفي الذي بذلت له كل امكانيات النجاح من اموال ووسائل اعلام ودعايات واشاعات وشخصيات سياسية ودينية باعت وطنيتها وعقيدتها من اجل الحصول على مغانم مالبثت ان زالت بفضل حكمة ودراية المرجعية الدينية وكذلك وعي بعض القيادات السياسية لما تخطط له امريكا وتوابعها .فما ان تم القضاء على القاعدة حتى برزت داعش بوجه اخر وطريقة جديدة ولكن كل هذه المشاريع تحطمت على صخرة الصمود والحكمة والتمسك بثوابت الاسلام الاصيل ووصايا المرجعية وجهاد المجاهدين . وما انتهت تلك العاصفة الهوجاء حتى بدات خطط امريكا وحلفائها تتغير باساليب ومناهج مختلفة وبدل ان تنفذ الولايات المتحدة مشاريعها الجديدة بالوكلاء فانها اتخذت على عاتقها امر التنفيذ هذه المرة فكانت عمليات التخريب والتدمير في البصرة والتي كانت القنصلية الامريكية الراعية والداعمة لها بشكل مباشر اذ استغلت التظاهرات والاحتجاجات الشعبية المطالبة بالخدمات لتكون غطاء لهذه الافعال التدميرية لمناطق طالما كانت شعلة الجهاد والتضحية فيها لايجاد الفرقة والتمزيق في اوساطها .واليوم فان ماقامت به قناة الحرة التي طالما تبجحت ورفعت شعار المهنية وتابعها العراقيون على مدى اكثر من عقد من الزمن وانتشرت مكاتبها وتوزع مراسلوها في كل انحاء العراق ،وان كانت في احيان كثيرة تدس السم في العسل، وبدت بالظاهر في غطاء المهنية الا ان قرارها الاخير يكشف بما ليس فيه لبس ولا ريب عن الميل السياسي الكبير باتجاه تنفيذ المخطط الامريكي الصهيوني في المنطقة واتجاهات هذا المخطط وبوصلته والى اين هو ذاهب.فقد قامت هذه القناة بطرد العاملين الشيعة فيها في عملية لم تفعلها اي دولة تحترم الديمقراطية وحرية الاعلام ،بل ان هذا القرار تشم فيه رائحة الطائفية بالرغم من ان الولايات المتحدة دولة غير مسلمة ولكن توارد الاخبار بالتأثير الاماراتي الحكومي وتدخل بعض الامراء بشكل مباشر في هذا القرار الذي ينم عن حقد دفين وسياسة غير مهنية بل غير منطقية لتسييس الاعلام وبشكل علني والغريب ان اغلب هذه الكوادر التي فصلت ليس لها اية ميول سياسة بل ليس لهم ميول دينية اصلا .وبذلك فقد اسست هذه القناة بادرة لم يسبقها احد قبل ذلك بهذا الوضوح وبهذا النفس السياسي الطائفي الذي يرمي الى تعميق الشق الطائفي الذي لايريدون له ان يلتحم .
https://telegram.me/buratha