قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
اذا راجعنا تاريخ تشكيل التحالف الوطني، سنتذكر انه كان قد تشكل في بداياته( الإئتلاف العراقي الموحد)، تحت ضغط إصطفافات قسرية، أُجبرت بسببها القوى السياسية العرقية، على أن يتكور ابناء كل مكون مجتمعي بعضهم الى بعض، مشكلين ثلاث تحالفات سياسية كبرى، هي التحالف الوطني الشيعي، والتحالف السني تحت مسمى القوى العرقية، والتحالف الكردستاني للكورد..
هكذا مضت العملية السياسية في العراق، طيلة خمسة عشر عاما، وانتجت نظامنا السياسي القائم، غير أن عملا ممنهجا؛ جرى خلال السنوات الخمس المنصرمة، كان هدفه تفتيت التحالفات المكوناتية، والأنتقال نحو بناء تحالفات سياسية عابرة للطوائف، كما كان يشيع الساسة المعنيين بالأمر.
بيد أن هذا العمل كان يستبطن هدفا خبيثا، أبعد شاوا من ذلك، ألا وهو هدف تفتيت التحالف الوطني الشيعي، وإرخاء قبضة الشيعة على مفاصل السلطة الرئيسية، لأن راعي العملية السياسية الأمريكي، أكتشف ان التحكم بالعقل الشيعي أمر صعب جدا، بسبب مخالفة هذا العقل للتوجهات الأمريكية، بالهيمنة على المنطقة ومقدراتها جملة وتفصيلا.
هكذا كانت نتيجة الأنتخابات الفائتة، والتي مزقت التحالف الشيعي، فيما بقيت التحالفات الكردية متماسكة في بغداد، وإن كانت مختلفة في أربيل.
الساسة السنة كانوا لاعبي سيرك مهرة، وحاذقين في فقرة اللعب على الحبال، فقد وزعوا أنفسهم بشطارة العيارين، على إئتلافي البناء والأصلاح، ومع إئتلاف الوطنية أيضا، يتحركوا على قاعدة الجالسة على ضفة النهر، أينما تميل تستطيع أن تغرف الماء..
كانت الصورة أن الساسة السنة قد تمزقوا، لكن حديث متلفزا لأحد قادتهم، كشف عن أنهم ليسوا مبالين بمن يمثل الشيعة، بقدرما هم يستطيعون بحراكهم السياسي، نيل ماأسماه إستحقاقهم الثابت، والمتمثل بـ(ستة وزارات، وتسعة هيئات، وقرابة ستين منصب للدرجات الخاصة) والسنية، تحتفظ بعناصر قوتها، وإن بدت غير ذلك ظاهريا.
لقد أنجرت القوى السياسية الشيعية؛ الى حالة فقدان التوازن، وتنافست فيما بينها تنافسا شديدا، حولها بالأطار العام؛ من قوى متنافسة الى قوى متناوئة، وسلكت مسلكا لا يمكن عده سياسيا، بعدما نحت تلك القوى، نحو إضعاف القوى المنافسة لها بشتى الطرق، ومن بينها التسقيط السياسي، وهو طريق لا أخلاقي بالتأكيد.
إضعاف المنافسين سيحولهم الى مناوئين، وبذلك نخرج من دائرة التنافس المشروع، والذي يفترض أن يكون تنافسا على قلب المواطن ،للوصول اليه وخدمته من خلال تلمس همومه، الى تنافس على ظهر المواطن، لأعتلاءه للوصول الى أهداف ذاتية او حزبية ضيقة.
مثل هذا التنافس لا يمكن وصفه إلا بالصراع، بل وصراع شرس..وهو ما يفسر ما يجري هذه الأيام؛ من تجاذبات سياسية، بلغت حدها الحرج بل والخطر...!
غير أن بعض التحالفات السياسية الشيعية، سلكت مسلكا أكثر لا أخلاقية، إلا وهو قيام القوى المهيمنة فيهان بإضعاف شركائها في التحالف، وهو ما يدل على أن روابطها؛ التي تشكلت على اساسها روابط واهنة، وكانت النتيجة بيوتا أوهن من بيت العنكبوت...
إن هكذا تحالفات من الصعب أن تعيش، وإذا عاشت فإن حياتها حياة العليل، لا يمكن له أن يمضي يوما بلا دواء، ومع الأسف فإن دواء التحالفات العليلة، لا يتعدى المجاملات الفراغة، أما القلوب فهي قاسية بعضها على بعض!
كلام قبل السلام: التحالف الوطني قد مات ميتة الجاهلية، وقادته قد شيعوه الى مثواه الأخير، في مقبرة المنطقة الخضراء، الواقعة خلف السفارة إياها، بل ان بعضهم يعد ذلك منقبة له..!
سلام...
https://telegram.me/buratha