محمدكاظم خضير
دعونا اليوم نلتفت قليلاً إلى تداعيات الواقع السياسي المرير على أشكال شتى من النشاطات الإنسانية و التي مجملها لا تخرج عن ( الضِعف و الإسفاف ) في كل شيء ، الفن و العلاقات الإجتماعية و معايير التقييم العام للبشر على المستوى الرسمي و الشعبي ، كذلك عدم الدقة في تحري الحلال من الحرام ، و أفاعيل العراقية كانت في الماضي القريب عند المجتمع مثار تأفف و بُغض ، أصبحت الآن مثار إعجاب لدى كثيرين و آخرين ممن رحم ربي أصبحوا يجابهونها ( بالمراوغة ) و عدم الإلتفات ، مباني شاهقة و قصور مُشيِّدة و أموال لا تحصى و لا تُعد و أملاك في الداخل و الخارج .. يُباهي بها أثرياء هم في الأصل موظفي دولة أو مُرتادي مناصب في عهد الخذلان هذا و لا يبالون .. لماذا ؟ لأن ليس هناك ثمة وازع في الضمير و لا خوف من محاسبة و لا ( ضمير ) من مجتمع مُحيط ، إن ما إنهدم من بنيات إقتصادية و إدارية و مؤسسية في هذه البلاد كله قابل للمعالجة و البناء من جديد ، غير أن الأخلاق و الصفات الإنسانية التي يولد من صلبها الخلق النبيل و الخصال الحميدة كالأمانة و النزاهة و الصدق و العدالة لا يمكن أن تُبنى من جديد في (وسط ) ساد فيه عدم الضمير و المجاهرة بالباطل ، الأخلاق و القيَّم و الأعراف النبيلة التي تشحذ في النفوس الصدق و الأمانة في الإنتاج و تحريك عجلة التنمية الوطنية ، تآكلت و هي قاب قوسين و أدنى من الإنعدام ، لإعادة تشكيلها و بثها داخل الضمائر و القناعات سنحتاج إلى العشرات و ربما المئات السنين ، لأنها ببساطة وليدة تاريخ سحيق و ضاربٌ في القدم ، ما تعكسه السياسات العامة للدولة و خصوصاً المتعلقة بالتمكين لأولي القُربى و المنضوين تحت جناح الفاسدين ، من شأنها الطبيعي أن توطِّد لعدم العدالة و النزاهة في التوظيف و تولي و المناصب ، ومن شانها أن تركل كل الكفاءات و الخبرات التي لم يعُد يكفيها في زمان حكم سياسين العراقيين منذ2003الى حد الآن مجرد الحِياد و الصمت تجاه ما يحدث من جراحات في خاصرة الوطن و المواطن العراقي الذي إستشرف الموت عبر خنجري الغلاء و الجبايات و العجز أمام المرض ، من الطبيعي في مثل هذه الأجواء المفعمة بالإستحوازية و التكالبية على البقاء في ( بقعة ) المال العام و النفوذ و السلطة و إلغاء الآخر و إقتياده جبراً نحو المهادنة و الإذعان أن يحارب كل شخص يطالب بحقوقه الخاصة بكل وطنية كل شخص ينادي تجاه الوطن و المجتمع المظلوم، ليس للنضال من أجل حصول البسطاء على لقمة عيش شريفة و جرعة دواء تقيه الموت علاقة بالعمل السياسي بقدر ما هو نضال من أجل الإنسان الذي كرّمه رب العالمين بالعقل و الخلافة في الأرض ، هكذا تسري المسوءات في أركان حياتنا ( إنبثاقاً ) من التوجهات العامة التي تتبناها الدولة .. التي لا تريد أن تتنازل قيد أنملة لإفساح المجال لكلمة ( مُغايرة ) يمكن من خلالها أن تسير هذه الأمة خطوة للأمام. ويبدو ان بلاد الرافدين يسر خطوة الى الامام ومئة خطوة إلى الخلف!!
https://telegram.me/buratha