محمدكاظم خضير
لم تكن الدعاية الرسمية بحاجة إلى الكثير من الجهد حينما كانت امريكا في كل مرحلة تشكيل الحكومة تسعى لتبرير تشكيل حكومة والسيطرة على السلطة بالقوة. كان يكفيها أن تنقل المعركة إلى أرضية خصومها ، أي أن تبحث في مساوئ الأنظمة السابقة أو في أصعب الأحوال أن تبذل القليل من الجهد لتجعل من شيء يشبه الحبة قبة: كأن يجعل المسؤول العراقي من زيارة منطقة فقيرة برهانا دامغا على تلبية حاجيات الفقراء، أ!
تبدل الوضع وما تزال الدعاية الرسمية تراوح مكانها تردد نفس الأغنيات السابقة وإن بوجوه جديدة أكثر شحوبا وأقل قدرة على الإقناع: طاولات مستديرة، تفسير الخطابات، ترديد الشعارات، التطبيل للإجراءات الرمزية... إنها لا تفتقر إلى القدرة على الاختراع فحسب، بل باتت في أمس الحاجة إلى إنجازات ملموسة تشد أزرها في معركتها الشرسة ضد رأي عام بات يتساءل حول مصير الوعود التي أغدقت عليه.
وللأسف لا يبدو أنه في الجعبة أكثر من استنساخ تجارب نعرف جميعا كيف انتهت وكيف كانت مخيبة للآمال، وكأنه ليس هناك مدخل للتغيير في بلادنا لا يمر حتما عبر إجراءات ، وحديث تافه حول مساكن الموظفين ومحاربة فسادهم أو حول تنظيم المرور في العاصمة وتنظيف بعض جيوبها القذرة!
أهي طريقتها في إقناعنا بأن الجنة التنمية الموعودة ما هي إلا حصيلة هزيلة لقرارات "متناثرة" تستمد فعاليتها من إرادة تائهة وسط محيط متلاطم الأمواج؟ أولم تكلف نفسها عناء التساؤل حول الفرق بين يومها وأمسها أو بين أمسنا ويومنا؟ أو حول الفرق بين النوايا الحسنة وبين الجهود الجبارة التي تنقل المجتمع من وضع مرفوض إلى آخر مرغوب؟
كلام التغير؟؟ من سيقوم به؟ كيف؟ متى؟ لمصلحة من؟ ومن سيتكفل بحمايته؟ لا تكترث الدعاية الرسمية لطرح مثل هذه التساؤلات أحرى لمحاولة الإجابة عليها، ربما لأنها تتجاهل الفرق بين الشطارة في "تسيير" الأعمال الخصوصية وبين الكفاءة في إدارة اقتصاد دولة لمصلحة شعبها! أو ربما لأنها "تشعر" بأن الشروط لم تكتمل بعد وأن قتل الوقت في العموميات يبقى أفضل من الموت بالتفاصيل!
لم يعد خافيا على أحد أن الصراع على السلطة قد أوصل البلاد إلى حافة الإفلاس وأن الإجراءات "التقشفية" المعلن عنها تستهدف الحفاظ على النفس أكثر مما تستهدف الوفاء للوعود الانتخابية. نفس السياسات والأساليب ما تزال منتهجة، فكيف تتغير النتائج؟
https://telegram.me/buratha