المقالات

السياسي والشارع؛ من يقود من؟!

1742 2018-09-04

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

حركات التغيير الناجحة تأريخيا، هي تلك التي تنجح بتغيير الانسان، وليس فقط انظمة الحكم. والحركات الإصلاحية التنويريّة، تكتسب صفتها هذه، لا تُغير نظام حكم، بقدر ما تُطيح بعقلية وثقافة سلطويّة، مُنتشرة في المجتمع.

من هذا المنظور، يمكن القول بان ما حصل من تغيير في العراق، على مدى ستة عشر عاما، منذ الإطاحة بنظام القهر الصدامي، لم يكون رؤية نتائج كبرى له على الأرض، لا على صعيد تغيير الأنسان، أو على صعيد العقلية السياسية أو الإدارية القائمة.

ما حصل في بلدنا يبدو لأول وهلة هائلا، لكن الحقيقة أنه لا يمكن رؤية إنجازات التغيير في ثقافة المجتمع، إلا بعد سنوات على حصول التغيير، وذلك لأن الثقافة تتغيّر بأساليب، تختلف عن أساليب تغيير السياسات والأنظمة، ولأن التغيير الثقافي هو في نهاية المطاف تغيير لعقل ولرؤية للعالم، وليس فقط لأساليب حكم الدولة أو تقنيات أدارة المجتمع.

إن الثقافة الشعبية العامة، لا يمكنها أت تنتج تغييرا إيجابيا مؤكدا، ما لم توجه التوجيه الصائب، والدليل على ذلك أن تلك الثقافة؛ لم تستطع أن تغير بطبيعة النظام الصدامي، أو تحد من همجيته، برغم أنها قدمت تضحيات جسيمة، لكنها تضحيات ذهبت أدراج الرياح، وبعضها طواه النسيان، بل يمكننا القول أن الثقافة الشعبية نفسها، بدت في زمن النظام الصدامي القمعي، وكأنها عماد الديكتاتورية والسلطوية، في الدولة والمجتمع؟!

بيد أننا سنكون متجنين إذا أنكرنا حدوث تغيرات مهمة، لكن معظمها أختلط مع الأسف سلبيها بإيجابيها، وأكل يابسها أخضرها، وسبب ذلك؛ أنها إعتمدت بشكل أساسي على الحس العفوي، وعلى الحراك غير المنظم، مستلهمة مصادرها السهلة والقريبة، والموجودة في الثقافة الشعبية العامة، ولذلك لم تبرز قوى سياسية منظمة، تقود الحراك المجتمعي الجديد.

يكشف ذلك عن خلل كبير، في عقلية القوى المتصدية للمشهد السياسي، في مرحلة ما بعد التغيير، وليس ثمة من دلائل على أن هذه القوى، كانت تمتلك برنامجا لما بعد التغيير، حتى ولو كان بالعناوين العامة، وليس بالتفاصيل الممنهجة!

يكشف ذلك أيضا؛ عن أن هذه القوى ليست على إطلاع عميق، على واقع المجتمع العراقي، وبعضها كان يصوغ أهدافه، وفقا للثقافة الشعبية العامة، بفوضويتها وعبثيتها ونهاياتها السائبة، بل بدى بعضها متبنيا للفوضوية كمنهج، لأنه نفسه أتي من ثقافة شعبية جاهزة، وليس من مشروع سابق، وبدلا من أن يوجه تلك الثقافة، نحو صياغات وأهداف بعيدة المدى، فإنه خضع لها!

كلام قبل السلام: يعني ذلك أن معظم القوى المتصدية؛ لا تمتلك مشروعا جاهزا بعيد المدى، وقلة منها تمتلك إطارا للمشروع فقط، تاركة التفاصيل للأيام تصنعها!

 سلام.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك