عادل الجبوري
ان تكون مثقفا ومفكرا وكاتبا وصاحب رأي وطرح موضوعي قابل للبحث والنقاش شيء، وان تكون مهرجا استعراضيا رخيصا في الفضاء الاعلامي الواسع، الذي ضاعت في الكثير من مساحاته الضوابط، واختلطت المعايير الصائبة مع الخاطئة، شيء اخر.
حينما تكون مثقفا ومفكرا وكاتبا، فهذا يعني، انك تطرح الافكار والرؤى والتصورات، بعقلانية واتزان، من خلال الاحتكام الى الارقام والحقائق التأريخية والحاضرة.
حينما تزعم انك مثقفا ومفكرا وكاتبا وصاحب رأي يعتد به، فيفترض ان يكون ما تقوله وتتحدث به يمثل اضافة نوعية للمتلقي، ويساهم في فتح افاق جديدة للثقافة والمعرفة والاطلاع.
حينما تدعي انك مثقفا ومفكرا وكاتبا وعنصرا فاعلا ومؤثرا في فضاء الابداع، فهذا يعني انك تبحث في الظواهر والوقائع والاحداث بعيدا عن النزعات الشخصية والعقد الضيقة والمشاعر السلبية، ولاتنزلق الى استغلال المساحات المتاحة اليك للحديث والكتابة بصورة سلبية لاتعكس مدعياتك، ولاتعبر عن مضمون عناوينك الفكرية والثقافية والسياسية المقترنة بأسمك.
في مقابل ذلك حينما تكون مهرجا استعراضيا رخيصا، لا مفكرا ولا مثقفا ولا صاحب رأي حصيف، كما تدعي وتزعم، فحينذاك لن يكون غريبا عندما تتنقل بين شاشات الفضائيات، لتفرغ انفعالاتك، وتكشف عن مكنونات نفسك، من خلال اللجوء الى لغة مبتذلة وبائسة تزخر بالشتائم والاساءات للاخرين، لاسيما اذا كان من بين هؤلاء رموز في عالم الفكر والسياسة، يشهد لم خصومهم واعدائهم ومنافسيهم بذلك قبل انصارهم ومريديهم ومحبيهم.
وحينما تكون مهرجا استعراضيا رخيصا، لاتختلف كثيرا عن الذين يظهرون في برامج التسلية والفكاهة، ويفعلون اي شيء من اجل اضحاك المتلقي، فحينذاك لايمكنك الادعاء بأنك مثقفا ومفكرا حقيقيا، حتى وان كنت مخضرما، وحتى ان امتلئت مكتبتك بمؤلفاتك، وتزاحمت عليك الفضائيات لتظهر عبر شاشاتها، وتتحدث كيفما تشاء، وتسب وتشتم من تشاء!.
وحينما تكون مهرجا استعراضيا رخيصا، فأن ما تقوله وما تكتبه سيكون حافلا بالتناقضات والتجاوزات والاساءات، دون تكون لديك بوصلة تحدد لك المسارات والاتجاهات الصائبة والصحيحة، وأطرا للضوابط الاخلاقية والدينية السليمة المطلوبة، التي تتحدث عنها ليل نهار، بيد انك لا تعبأ بها لا في الليل ولا في النهار!.
الكلام عن مواصفات المثقف والمفكر وصاحب الرأي والكاتب، في مقابل المهرج الاستعراضي الرخيص، لايبتعد كثيرا عن اجواء ومناخات ما قاله غالب حسن الشابندر عن السيد محمد باقر الحكيم، اذ ان ما قاله لايخرج عن سياقات مجمل احاديثه المتواصلة دون انقطاع!.
https://telegram.me/buratha