قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
هل يتعين علينا أن نبقى نصيخ السمع؛ لصوت صهيل خيول الماضي؟..وكيف تسربت الى ثقافتنا، حكاية أن الحاضر هو وليد الماضي، وأن الماضي هو الأب الشرعي للحاضر والمستقبل، وكأنهما شقيقان؛ أحدهما أكبر من الآخر بلحظة دائمة!؟
أغلب محافظات الوسط والجنوب تتظاهر هذه الأيام، محتجة على سوء الخدمات والبطالة، وشحة مياه الشرب وأكذوبة الكهرباء، لكن يبدو أن العراقيين؛ أقل الشعوب ممارسة لحق الإحتجاج، ربما بسبب طبيعتهم الميالة الى النكوص، وترك الأمور تسير على غاربها.
على الأغلب أننا لم نعتد الإحتجاج بوجه السلطات، على أعتبار أننا تثقفا على أن السلطة أو الحكومة والد، وأن النظر في عين الوالد عيب، وأن علينا إحترام هذا الأب؛ وإظهار الطاعة له دوما..
في هذا الصدد وعلى الرغم من أني مريض بالسرطان، عافاكم الله، إلا أن أقدامي تقودني الى التظاهرات مرغما، وأنا على يقين أن مشاركتي في مظاهرة تدعو الى الحق، تحرّك ما أسُن من ماء مستنقع يُغرق كل حيّ؛ ويكاد يطمر بوحله جميع ما يحيطه، أو عساها تؤدي إلى وضع؛ يكون أفضل ممّا نحن فيه.
مشاركتي في مظاهرات وأحتجاجات، يصرخ فيها بضع عشرات أو مئات الآلاف،من أجل عدالة اجتماعية تنصف جميع العراقيين، لن يرتق غشاءً فُضّ ؛ولن يعيد ما سلبه الذئاب والضباع والثعالب، لكنه ربما سيصون عثوق النخل الآيلة الى التيبس.
حين أشارك في إعلاء صرخة الفقراء والمحتاجين، الذين سلبت منهم كرامةَ الإنسان الحر الشريف، لا أغفل ولو لثانية؛ أن من يسير بجانبي كان قبل يوم؛ سيكون في غد في موقف آخر، لأننا غالبا ما نبدل مواقفنا، تبعا لتقلبات الطقس السياسي وتصريحات السادة أصحاب الخطوط الحمر!
لكنني أعي في الوقت نفسه، أنني وبمشاركتي هذه الاحتجاجات، أحاول أن أقرّب المصباح شبرًا، أو فترًا أو عقلة إصبع، لأضيء ظلام ليل هؤلاء؛ الذين احترفوا سطو الليالي وقنص الغانيات والغايات،عساهم يدركون أن لا كرامة ولا حرية، ولا عزة لظالم أو قاهر أو لص.
في التظاهرات، سمعت همس النخيل وأنين أشجار النبق، ودجلة كان يتسلل بين فينة وأخرى؛ ليعلن أن لا مفرّ، وأن علينا أن نمحوَ عبء ولعنة؛ خطيئة ثقتنا باللصوص، ولنعد إلى المربع الأول، وإلى عين العاصفة والإعصار، لإننا شعب أقدم من التأريخ.
كلام قبل السلام: لست من المتفائلين؛ لأنه قد قيل أن المتفائل لن يكون شجاعًا، فهو يخشى أن ينظر في عين الموت والقدر!. ولست من المتشائمين؛ لأن الحكيم لن يكون متشائمًا أبدًا، فأنا أشارك بالتظاهرات لأنني أحب الحياة، أحبها لي ولكم ولجميع العراقيين..!
سلام...
https://telegram.me/buratha