جاسم الصافي
الحرية ليست هبة بل طبيعة وغريزة يحتاجها الانسان , وهذا سبب لظهور عصرا جديد تحكمه الدساتير والقوانين الدولية ، ولان أساس قوة الدولة في حرية أفرادها لان الحرية قانون العقل الذي من خلاله يمكننا أن نتعرف على ما لنا وما علينا ، ولكون المجتمع لا ينظم تبعا للعقل الا في الدولة التي هي عقل القانون , يكون لزاما علينا أن نراجع الى مفاهيم بناء الدولة , التي يستطيع المواطن فيها أن يجد ما يشبع رغباته ويحقق مصلحته المعقولة من حرية في التعبير عن المشاعر والتقاليد والأفكار.
وكما نعلم ان الانسان لا يكون حرا حين يكون محتاج لأنه يكون حينها عبدا لحاجته , وهذا ما حصل في انتخابات سابقة , حين وزعت ارضي وهمية لخداعة الناس وبلا رقيب ولا حسيب , وكذلك فرص العمل والتعينات في مؤسسات الدولة التي يكون موسمها قبل كل انتخابات.
لو توفرت حاجة كل مواطن للمسكن والعمل حينها يكون حر في الاختيار وتكون الديمقراطية نافذة بالفعل , لأنه يشعر حينها بالانتماء والتحرر من العوز وترتفع لديه مناسيب الاعتزاز بالوطن والوطنية فهو يمتلك شيء في هذا الوطن يحق له الدفاع عنه ، فالحرية الحقيقية في استقلالية الإنسان عن الاحتياج بتكفل الدولة في ما يحفظ كرامته وإنسانيته من اي سؤال , ومع الاسف نجد هذه الايام أن الحرية هبه ومكرمة من مكارم قائد الضرورة وولاة الامر , وتعطى في غير محلها وتمنع في أماكن يجب أن تزدحم بها ، فحرية المواطن العادي ليست كحرية البرلماني , لان الاخير رب يجب ان يعبد وكلامة مقدس يجب ان يطاع , والا زلزلت الارض بمن فيها بالطائفية والسلفية والملشياوية.
اقولها بصراحة أن الحرية التي تطرح هذه الأيام زائفة كما اثبتت التجربة , كونها مجرد شعارات وحرية خاصة بالجدل لا أكثر , نعم هي سفسطة وتظليل عن الحقيقة واكاذيب لا تغني ولا تشبع , فالحرية تعني تحقيق العدالة وطبعا لا اقصد العدالة التنظيرية التي يصدعون بها رؤوسنا في الفضائيات , بل عدالة التوزيع لتحرير الانسان من الحاجة وعدالة التصحيح لان اي تغير اليوم يعود علينا بالكوارث والفوضة الطويلة , لهذا نحتاج الى تصحيح لا تغير.
إننا نشكو من عدم جدية في تأسيس هذه الركائز الأساسية لبناء الدولة , والانتخابات التي تجرى اليوم ما هي الا وهم كبير تستمتع به احزاب السلطة وعوائل دينية وتجارية باسم السياسة والدين تكرس جهدها ومجهودها لتعظيم الفوارق الطبقية واخضاع الغالبية من الناس للعبودية , فالبداية كانت في التزوير بنسب الممتنعين عن الانتخابات وبنتائجها ثم في تمديد مهلة النتائج بحجة الفرز اليدوي الذي لو فرزته حسنه لوحدها لانتهت منذ زمن , حتى ضاع خبرها ونسي في زحمة الاحتجاجات والتظاهرات , ان اكبر جريمة ان يخدعك الاخرون في سرقة عقلك بتصديقهم وجهدك في الذهاب للانتخابات برغم الخاطر واخيرا ان تكون نكته امام شعوب العالم وانت تقول نحن بلد ديمقراطي تحكمه الانتخابات , كل هذا للترضية والتقسم المقنع بالطائفية والمحسوبية في غنيمتهم في اركان السلطة
نحن نعلم ان اكثر الدول اجرت عملية الانتخابات بسرعة ولم تزيد اعلان نتائجها عن اربعة وعشرين , والغريب اننا لا نجد معترض , بل ان المعارض يعلن عن احترامه للنتائج ويبارك للفوز لخصمه , في حين اننا نجد من يخسر يهدد ويعد بحرب طائفية دون ان يكون له من عقاب لتصريحه خصوصا بعد تحقق نبوءته المزعومة , الامر لا يحتاج الى تحليل فكل ما هنالك اننا نعيش وهم الانتخابات فلا فرق بين نتائج تصب لمرشح واحد وقائد واحد وبين نتائج توزع بالمزاج وفق التوافق والطوائف , وحين نعترض نواجه ابشع انواع الارهاب في قوانين فصلت واعدت لزجنا بالسجون , واعلام مسيطر عليه في تكبيل الحرية وتكميم صوت العدالة ودفاعها عن السلاطين والاربعون حرامي بدل الشعب الذي هو السلطة الحقيقية وهو الدستور
https://telegram.me/buratha