قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
الإجابة عن هذا السؤال، تفيد أن جوهر تحقيق العدالة، يتمثل بإنشاء منظومة لإحقاق الحق، ومقارعة الباطل تكون منحازة الى الحق دائما وأبدا، وليس هناك من وجه لحيادية القضاء، والدعوة الى إستقلال القضاء، تعني أن يكون بشخوصه وقراراته، غير خاضع لهيمنة الباطل، الذي عادة ما يكون هو المهيمن؛ على المشهد الحياتي!
بمعنى أوضح يتعين ان لا يسمح للباطل وشخوصه، أن يتسللا الى الجسم القضائي؛ والتشكيلات المتفرعة عنه، أو حتى المندكة فيه!
في العراق؛ عديد من الأجهزة المتخصصة بالنزاهة، مهمتها متابعة المال العام، والسلوك المالي والأداري الفاسد، وتمتلك هذه الأجهزة موارد بشرية، مهمتها الكشف عن السرقات والسراق.
يفهم من هذه التشكيلات، بكثرتها غير المعهودة في مكان آخر في العالم، أن أمرين هنا في بلدنا؛ يحصلان بالتوازي.
الأول هو أن كم الفساد كبير جدا؛ بحيث يقتضي الأمر تشكيل أجهزة "نوعية"، متخصصة بملاحقة "أنواع" مختلفة من الفساد؛ لضمان الحرفية العالية، والثاني أن إرادة الأصلاح؛ تريد التخلص من الفساد سريعا، ولذلك كثرت أجهزة مقارعة الفساد!
بيد أن الحال مختلف تماما عن هذين التصورين!. إذ ومنذ عام 2003 وحتى اليوم، وكل الساسة يبشروننا بالقضاء على الفساد، وتتشكل حكومة إثر حكومة، وكل حكومة تبشرنا بأنها؛ ستحاسب عن المرحلة الماضية، ولكن حتى الساعة؛ لم تجر محاسبة حقيقية لأي احد، فمن يحاسب من؟!
هل الحرامي يحاسب الحرامي؟ وهل القاتل يحاسب القاتل؟ وهل الفاسد يحاسب فاسدا؟ وهل المستولي على أموال الدولة، يحاسب من استولى من جهته؛ على اموال ايضا للدولة؟
إنها الاكذوبة الكبيرة؛ التي يقومون بإلهاء الناس بها، في كل مرة يعلو فيها الصياح، حتى غدت هذه الاكذوبة؛ لعبة لا تمر على البسطاء من شعبنا، فكيف بنا نحن رجال الإعلام وصناع الرأي، الذين نعرف حق المعرفة، هذه الطبقة السياسية ماضيا وحاضرا، بما يمكننا من معرفة مستقبلها وألاعيبها؟!
أغلب رجال أجهزة محاربة الفساد؛ قد شاركوا بشكل كبير في صناعة الخراب، وفي سرقة البلد، وفي هدر المال العام؛ وهم شركاء في لعبة الكهرباء، وفي محطات المياه، وفي شق الطرقات، سواء من خلال اخذ العمولة ام لفرض "الخاوات" مقابل الصمت، او لتوزيع المشاريع محاصصة؛ للجهات التي ينتمون إليها، فمن يا ترى يحاسب من؟!
من الذي يصلح الأمور، هل يصلح الأمور من شارك في افسادها؟ هل يصلحها من سرق اموال الشعب؟ أم من "حوسم" المنطقة الخضراء، حجرا حجرا وسنتمترا سنتمترا؟!
كلام قبل السلام: الذي يقوله الشارع العراقي، أن الأجهزة التي يعول عليها بمحاربة الفساد؛ غارقة بالفساد، لذلك فإن اليأس حق مشروع، لا يجب أن تصادره كثرة تصريحات المسؤولين الكبار، بانهم جادين بمحاربة الفساد هذه المرة، لأنهم وببساطة، قد أبقوا على رأس الفساد!
سلام..
https://telegram.me/buratha