قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
دعونا نلقي نظرة متفحصة، على شكل النظام القائم في العراق، فنظامنا لا هو ديمقراطي 100% ، حتى يسمح للمتظاهرين بالتظاهر بحرية لنيل المطالب، ليحقق لهم مايريدون بشكل حضاري، كما انه ليس نظاما اسلاميا بشكل قطعي، حتى يمكن أن يحاسب المسؤولين، بالطرق الشرعية من قبل المراجع الدينية، وحتى لو كان كذلك؛ فإن الساسة لا يستمعون لما تقوله المرجعية، ولا هو نظاما عشائريا؛ حتى ينصاع لشيوخ القبائل والعشائر، كما انه ليس نظاما ديكتاتوريا؛ حتى الشعب يخاف من الاعتقالات والاعدامات، ولا يتظاهر!
الحقيقة أن نظامنا يمكن تسميته بالنظام الهجين، تحول بالنتيجة الى نظام استثماري، كل المشتركين فيه، خصوصا بالحكومة يستثمرون الفرصة المتاحة لهم!
في وطننا؛ عندما يبتلى بعدوان يهب الفقراء للدفاع عنه، وعند إنتهاء الحرب وصمت البنادق، يسرق الساسة النصر، ويسارعون لأقتسام الغنائم، في الحرب تمتليء صدور الفقراء بالرصاص، وعندما تنتهي الحرب وتضع أوزارها، تمتليء بطون الساسة بالأموال!
في وطني ومنذ عام 2005 لحد الان، تم احالة 1950 نائب على التقاعد، بعد أن أنهى كل منهم مسرحية الدورة الأنتخابية، وكان الراتب التقاعدي لأي منهم، هو خمسة ملايين دينار شهريا، ويشكل ذلك ما مجموعه؛ تسعه مليار وسبعمئه وخمسون مليون دينار شهريا، أي مائة وسبعة عشر مليار دينار سنويا، أي مليار دولار سنويا!
أذا اضفنا الى ذلك أرقام فلكية؛ تمثلها الرواتب التقاعدية؛ لأعضاء مجلس الحكم السابقين وبدلائهم ومعاونيهم، والرؤساء والوزراء ورؤساء الهيئات المستقلة السابقين، وأعضاء مجالس المحافظات والأقضية والنواحي ، والمجالس البلدية، ومعهم الرفحاويين والسجناء السياسيين، وضباط ومنتسبي الأجهزة الصدامية القمعية، ومنها فدائيي صدام، سنكتشف أن 20% من الموازنة الأتحادية، تبتلعها هذه الفئات الأنتفاعية دون وجه حق!
أذا حسبنا هذا كله؛ وأضفنا اليه الرواتب والأمتيازات العالية، التي يتمتع بها كبار موظفي الدولة، سنعرف بسهولة أين ذهبت أموال العراقيين؛ وسنكتشف أسباب تفشي البطالة، وتوقف الصناعة وتلاشي الزراعة، وتخريب إقتصادنا، وإنتهاب وطننا بشكل قانوني لا غبار عليه!
الحقيقة المرة أننا لسنا بحاجة لإكتشاف، أن حراس مستقبل العراق وممثلي الشعب، لصوص محترفين قاموا باستغفال الشعب، وشرعوا قوانين تقاعد وضمان مدى الحياة لأنفسهم، وإكراما لقيامهم بسرقتنا جهارا نهارا، وعلى عينك يا تاجر!
المضحك المبكي في قصة التظاهرات؛ هو مسارعة رؤساء الحزاب والقوى السياسية جميعا وبلا أستثناء، ومنهم قادة حزب الدعوة الحاكم، بل وحتى رئيس الوزراء، الى إصدار بيانات دعم للمتظاهرين في مطالبهم، وهنا يحق لنا أن نتسائل؛ هل خرج المتظاهرين إحتجاجا على "حسنة ملص"؟!
هل يعلم الساسة؛ ان الحق مع الرعية وليس مع الحاكم، حتى يثبت العكس ؟! فقد قال امير المؤمنين علي عليه السلام الحق مع الرعية حتى يثبت العكس، في حادثة اقالة عامله على البصرة عندما اشتكته سويدة الهمدانية!
كلام قبل السلام: يقول المفكر علي شريعتي؛ إذا لم تكن شاهدا على عصرك، ولم تقف في ساحة الكفاح الدائر بين الحق والباطل، وإذا لم تتخذ موقفا صريحا، من ذلك الصراع الدائر بالعالم، فكن ماتشاء، مصليا متعبدا في المحراب، أم شاربا للخمر في الحانات ، فكلا الأمرين يصبحان سواء..!
سلام..
https://telegram.me/buratha