المقالات

ساسة الصدفة في المشهد العراقي 


محمد كاظم خضير 
أعظم الاكتشافات والاختراعات جاءت عن طريق الصدفة، إن لم تأت بشكل مباشر، على الأقل بوادرها وأسسها الأولية تكون كذلك. لكن الصدفة لا تأتي من عدم، ولا تبحث عمن يحتاج الاستفادة منها، بل هي ضمن الإمكانيات التي يتيحها العمل المستمر والمبادرات الجريئة والأخطاء المتكررة باعتبار الفشل عامل من عوامل النجاعة والنجاح، ففي خضم البحث والتمحيص وبسط الاحتمالات و المغامرة تأتي الصدفة، فالصدفة إذن، مفترضة ولا تأتي من فراغ.

هل يستطيع المجتمع أن يتقدم وينمو من فراغ، هل يقدر على إنتاج نخبه من فراغ، فالطبيعة كما قال ألبيرت أينشتاين لا تقبل الفراغ، وحتما لا تقبل كل ما يمكن أن ينتج عن الفراغ، علما أن ما ينتج عن الفراغ، ليس سوى أوهام، ما يدل على أن الطبيعة لا تقبل الأوهام، وما دام أنها لا تقبل الأوهام، فإنها لا تقبل من يحمل الأوهام، لذلك نرى سلم التقدم في العالم يخضع لهذا المنطق، فبقدر ما تحررت الشعوب من الأوهام، تقدمت وتفتحت وأنتجت ثقافات لا تستمد ركائزها من فراغ تأهلها لاكتساب مكانة ضمن صفوة المجتمع الدولي.

كثيرة هي تعريفات كلمة النخبة أو الصفوة، نكتفي بأنها مجموعة من الأشخاص تطفو في المجتمع بفعل تميزها وتفوقها وتألقها الفكري، والأدبي، والعلمي، والمالي، والفني، والرياضي، وفي كل المجالات. وهي كذلك، المجموعة الناتجة عن نمط اجتماعي ثقافي سياسي يفرز نخبة سياسية بإرادة الأغلبية، وتعكس درجة وعي هذه الأغلبية ومستواها المعرفي. ونطرح السؤال، هل النخبة السياسية الحالية جاءت نتيجة الإرث السياسي للمجتمع، أم أنها تكون قد أتت عن طريق الصدفة ؟

ابتلي المشهد السياسي الراهن، بفعل نحس الفراغ، بنخبة سياسية لا ترقى إلى درجة انتقادها ولا حتى الكلام عنها، إذا استحضرنا خطابات بعض الزعماء السياسيين ونزواتهم وقلة حيائهم، وحنكتهم في ما لا يخدم المجتمع.

هذه النخبة لم تكن لتأتي عن طريق الصدفة، لأن الصدفة لا تأتي من فراغ، ولم تكن لتأتي في سياق التراكم الثقافي والسياسي الذي عرفه العراقين منذ قرون، لأنها ليست من طينة أسلافها، ولم تكن كذلك، لتأتي نتيجة التطور الدستوري والنيابي الذي عاشه العراق منذ بداية القرن الماضي بمشروع دستور2003وما تلاه من حراك سياسي، خصوصا مرحلة ما بعد الاستقلال، حيث أفرزت، في إطار بناء نضالي ومؤسساتي نابع من روح وطنية عالية، نخبا على كل المستويات، تضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة، وكان المشهد السياسي يزخر بسياسيين مقتدرين كانت لهم قدرة تأثيرية على الرأي العام وتوجهات المجتمع، بل وحتى على المستوى الدولي، وبلغ في عهدها الازدهار الثقافي والفكري والفني أوجه.

هذا الإرث بتاريخه، وإنجازاته، وإخفاقاته، ونضالاته وحداثته، وسنوات رصاصه، وإحباطاته، وكسكسه، وقفطانه، وزغردة نسائه، راكمه المجتمع برجاله ونسائه من كل الشرائح عبر سنوات بل قرون فيه ما يستوجب الإقصاء وما يدخل في التراث، وما يستحق التطوير والحماية من عبث هؤلاء السياسيين المائعين الذين لا يدركون معنى الشأن العام، ولا يستوعبون أنهم في موقع النموذج الذي يقتضى به، وبالتالي يكون تأثيرهم على سلوكات المواطنين كارثيا، خصوصا الجيل الناشئ.

العراقين في حاجة إلى نخبة من طينتهم تواكب المجتمع الدولي، ولا تحمل جينات دخيلة لا علاقة لها بمجتمعهم، ولا تعكس سلوك ما يسميه ماكس فيبر " العيش بالسياسة". السياسة مرتبطة بالعقل وإن فك هذا الارتباط تصبح شعوذة

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك