قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
هل أن الأحداث التي جرت في البلاد، إبتداءا من أقتحام مجلس النواب عام 2016، وقيام ثلة من "المدنيين" المتحضرين، بتهشيم أثاثه وضرب النواب وإهانتهم، كان إيذانا بهدم العملية السياسية، وهل أن ما يجري هذه الأيام، من مظاهرات وأحتجاجات، هو إمتداد لتلك الأحداث، ما يشكل توظئة لهدم الدولة العراقية؟!
يبدو أن الهدف هو هذا، فالدولة العراقية بنسختها الحالية؛ توشك على الإنهيار، أو هي قد إنهارت فعلا، ولكن إعلان ذلك قد جرى تأجيله، أو أن أحدا ما لم يتجرأ، أو يتحمل مسؤولية القيام بهذه المهمة.
الحديث عن إنهيار الدولة ليس أمر بدعا، يُقصد منه نسج الكلام المضاد للدولة، بل بالعكس هو كلام حقيقي، مبني على معطيات واقعية.
تنهارالدول بفعل عوامل داخلية، أو بفعل مؤثر خارجي كالإحتلال مثلا، أو إبتلاع دولة لدولة أخرى وضمها اليها ، والعاملان موجودان في الحالة العراقية..فالدولة الحالية التي قامت على أنقاض دولة فككها الإحتلال، ومن المعلوم أن الدولة السابقة، بنيت على أسس غير صحيحة، فحملت بهذه الأسس عوامل إنهيار الدولة الجديدة، من أوائل لحظات التأسيس الجديد.
أول تلك العوامل؛ هو إتساع حجم المسكوت عنه، بسبب البنية السياسية المريضة، التي أدت الى حجم الفساد الهائل، الذي ينخر جسد الدولة العراقية، كما نخر الجرذ سد مأرب؛ فأنهار وأنهارت معه دولة سبأ.
جرذان الفساد تسيدوا الدولة العراقية الحالية، وشكلوا ما بات يعرف بالدولة العميقة، التي أصبح بيدها كل شيء، أرضنا، أموالنا، مصائرنا، ومستقبلنا، ومستقبل الأجيال التي ستأتي بعدنا، وتشيعنا الى قبورنا باللعنات!
في هذا المقام، فإنه إذا كان اليقين هو القاعدة، والشك هو الإستثناء، فإن الفساد بات هو العنوان الرئيس لعمل الدولة، وهو القاعدة والنزاهة هي الأستثناء، ساهم في شيوع الفساد وتحوله الى حالة طبيعية، كثرة الحديث به، ولا محدودية الإتهامات، ومنها شعار "كلهم حرامية"، وبذلك فإن "كل" مسؤول عراقي، أو موظف في الدولة العراقية، إلا وبات في دائرة الشك بنزاهته!
عزز ذلك أن الدولة؛ أو بالأصح قياداتها؛ ونعني به بالتحديد رئاسة الوزراء، لم تقدم دليلا واحدا ؛على أنها تعمل على إيقاف مد الفساد المتعاظم، فلم تقدم لحد الآن مسؤولا "كبيرا" واحدا، من الذين بيدهم صولجان الفساد الى القضاء، وتعلن ذلك الى الشعب لتبريء ساحتها، بل بالعكس يجري دوما "طمطمة" القضايا،و"لملمة" حواشيها.
كلام قبل السلام: يقف وراء الإحجام عن الإقدام على إتخاذ خطوة كهذه، حقيقة أن جميع الساسة شركاء، في حفلة إلتهام الشعب العراقي الجريح، و"أسكت عني أسكت عنك"، وأدار معظمهم ظهورهم الى الشعب نهائيا، ولبسوا جلودا ثخينة، لا تنفذ فيها سهام النقد، الذي بات غير ذي جدوى..!
سلام..
https://telegram.me/buratha