قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
يعتقد كثيرون بأن يوم غد ( السابع عشر من تموز) ، هو واحد من اسوأ أيام التاريخ العراقي؛ قديمه وحديثه. فهذا اليوم سودت فيه صفحات هذا التاريخ، بمداد الدم والحقد والكراهية والعنصرية؛ وكل التوصيفات التي تمقتها الفطرة الأنسانية التواقة الى الحرية..ومع ذلك فأنا أخالف أصحاب هذا الرأي بعض الشيء..!
السابع عشر من تموز 1968؛ بالعكس من ذلك يوم مفصلي في حياة العراقيين، أقول مفصلي وفي خاطري؛ تعبير أكثر إستفزازا لمشاعركم، لكني أحجمت عن ذكره، حتى لا أتهم باني أتلاعب بالكلمات..ويكتسب مفصليته من مفهوم التضاد الأزلي بين النقائض..
فالأصل في الأشياء هو الحسن، ولكننا لا نتعرف على الحسن؛ إلا بوجود نقيضه وهو القبح، فمثلا لولا أن يمسنا ضر المرض لا نعرف نعمة العافية، ولولا أن يضربنا الشر بسياطه، لم يكن بإمكاننا التعرف على الخير ونياطه، ولولا أن ينطفيء مصباح النور، وتسود المكان الذي نشغل حيزه العتمة، لا يكون بمقدورنا الإحساس بالنور وفوائده..
السابع عشر من تموز، من سنخ هذه المحسوسات، يوم أسود أعتلى فيه البعث ظهورنا، فأحسسنا بوطأة الظلم، وتعين علينا أن ندفع ثمنا غاليا؛ فيما تلاه من أيام، لكي نفهم معنى الحرية.
كلما يأتي هذا اليوم اللأسود؛ تقفز الى ذاكرتي قصيدة صالح مهدي عماش؛ عضو قيادة البعث التي يقول فيها: بعث تشيده الجماجم والدم ... تتهدم الدنيا ولا يتهدم..وقتها فهم البعض من حسني النية، أن المقصود جماجم من قدموا تضحيات من أجل الوطن، ولكن الحقيقة هي الجماجم التي جلس عليهم طغاة البعث؛ وقبلهم الجماجم التي فرش الحجاج؛ حصيرا فوقها وجلس عليه..
ومع أن البعث غادرنا مرجوما الى أبد الآبدين، إلا أن شياطين ثقافته مازالت بيننا، وتأثيرات مفاهيمه؛ مازالت تحتل عقول كثير منا..
ما يجري من عمل ممنهج، بقتل العراقيين منذ نيسان 2003 لغاية اليوم، هو نتاج هذه الثقافة وتلك المفاهيم، وها هو يستغل إحتجاجات أبناء شعبنا المشروعة، راكبا موجتها مغيرا بوصلتها، بإتجاه أهدافه الشريرة.
البعث مازال حاضرا بيننا بكل أدواته، لأننا لم نحسن إجتثاثه، وسنحتاج الى وقت ليس بالقصير، وجهد ليس بالقليل، وتضحيات مؤلمة كي نمحو آثاره..
كلام قبل السلام: "كل" قادة الجيش والأجهزة الأمنية الحاليين "كانوا بعثيين؛ "إستلطفهم" النظام القائم، فدهنوا جلودهم بدهان حزب الدعوة!
سلام..
https://telegram.me/buratha