قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
فيما يتعلق ببنية الحركات السياسية الإسلامية، نجد أنها تقاد غالبا؛ من أشخاص لهم صفة علمائية، بمعنى أنهم رجال دين، وبعض هذه الحركات تتحدث؛ عن أن القيادة فيها؛ تكليف من مرجع تقليد أو فقيه عالم، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هو هل يترتب على هذا التكليف أثر قداسي؟!
الإجابة سهلة ونستلها بسهولة، من عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب"ع" لمالك الأشتر، وسنتوصل بيسر الى أن التكاليف الشرعية عموما، والمرتبطة بالرئاسة والزعامة والحكم خصوصا، لا يترتب عليه أي أثر تشريفي، فما بالك بالقداسة؟!
وقائع مسيرة القوى السياسية الأسلامية، تشي بأنها تعاني من إنتفاخ القداسة في قياداتها؛ وتمظهر ذلك بصور متعددة من المظاهر، التي تتمتع بها جماعات الصفوف الأولى منها، وتبدت هذه المظاهر؛ بشكل أشد وضوحا وتأثيرا، بعد عام 2003، عندما انتقلت تلك القوى؛ من المعارضة بأشكالها المختلفة الى العمل السياسي، وهي إنتقالة كبرى كان لها تداعياتها ونتائجها، ليس على صعيد البناء الداخلي لتلك القوى، بل على صعيد التصدي لمهام الدولة، الذي نجحت فيه حينا؛ وفشلت في أحيان كثيرة!
نجاح معظمها الأكبر، كان في بناء وجودات شخصية لها، تمسكت بها بقوة، ووضعت حولها خطوطا حمراء، وخنادق عميقة وسواتر عالية يصعب إختراقها، ما حولها الى عبيء كبير؛ على تلك القوى ومستقبلها وتاريخها.
الحقيقة التي يجب أن نتعاطى معها بشفافية، هي أنه قد تشكل لدينا "مجتمع خاص"، من وزراء ونواب ورجال دولة كبار، وبموازاته قوى اقتصادية واجتماعية تخدمهم، على هوامش المجتمع السياسي الرسمي، وبات هؤلاء قوة متحكمة؛ منحت نفسها العصمة والقداسة، على حساب تاريخ الحركات الأسلامية وجهادها، ودماء رجالها وتضحياتهم.
طيلة الـ 15 عاما المنصرمة، لم توفر الحياة السياسية التقليدية داخل تلك القوى، بناء آليات لوقف هؤلاء سياسيا ومساءلتهم قانونيا، ومازالت القوى السياسية الإسلامية؛ تعتمد على نفس العدة والعتاد.
لقد طال أمد وجود هذه الجماعات التي نضب معينها، ولم تعد قادرة على أن تقدم شيئا جديدا، والشارع السياسي الإسلامي؛ يحسب الأيام والساعات؛ منتظرا حصول تغيير يحدث حالة من التوازن، ويقلل من فرص الذهاب نحو حالة من اللاهدف، مائعة بين المشاركة الفقيرة، والإنشغال بتحصيل المكاسب الفردية فحسب.
إن أسلوب الهبات والنخوة؛ وإستنهاض الهمم فات أوانه، وربما معركتنا مع الدواعش الأشرار، هي آخر محطات هذا النوع من العمل الجماهيري، لأن الخطر كان واسعا وخطيرا، ويستهدف وجود الشعب برمته، فضلا عن أن الإستنهاض، كان بيد المرجعية الدينية العليا، ودعم لا محدود من الجمهورية الإسلامية، التي تنكر كثير من الساسة لدورها الفاضل.
مثل هذه الفرصة لن تتوفر مجددا، والأمر إذاَ يتطلب مواجهة شجاعة للمستقبل، ويتعين نزع حصانة الأفراد، وما أحاطوا أنفسهم به من قداسة مزعومة.
نحن مقبلون على إستحقاقات كبرى، إستحقاقات تختلف عن ما جرى؛ خلال الـ15 عاما المنصرمة، ونحن داخلون على عجل؛ الى مرحلة جديدة من تاريخ العراق، وهو تاريخ يجب أن يكون فيه للقوى الإسلامية الدور الأبرز،لكن ما في جعبتنا من أدوات صدئة، لا تصلح أن تؤدي حتى أدوار الكومبارس، ومن المعيب أن نواجه المستقبل بهكذا وجودات فارغة من محتوى مفيد.
كلام قبل السلام: هنا ستكمن عناوين الجدل والتفاعل، الذي سوف يحدد مستقبل العراق خلال السنوات القادمة.
سلام..
https://telegram.me/buratha