قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
بعد مرور خمسة عشر عاما من عمر تجربتنا السياسية، التي أنطلقت عقيب زوال نظام القهر الصدامي، نجد أنفسنا ونحن بحاجة ماسة لإصلاح أخطاء هذه التجربة، ومن تنايا هذه الحاجة، يبرز سؤال ملح وكبير مؤداه: هل يمكن أن نقوم باصلاح سياسي، في أحضان البيئة السياسية القائمة الان في العراق؟!
الملمح الأساسي لهذه التجربة، أن الكتل السياسية وبرغم مضي كل هذا الوقت، لم تتفق لحد الآن على أولويات العمل السياسي، وعلى الحد الأدنى من الوسائل؛ المفضية الى عمل وطني مشترك، وما يزال بإمكان أي هزة سياسية، أن تعيدنا الى لحظة، لا تبتعد كثيرا عن لحظة سقوط صدام!
الملمح الثالني هو؛ الأعتقاد السائد لدى القادة السياسيين، بأنهم فوق المسائلة؛ أو أن لهم عصمة نهائية، وهو إعتقاد خاطيء؛ ويؤسس لدكتاتورية النخبة السياسية، مع ما يرافق هذه الدكتاتورية من تداعيات...
الملمح الثالث من ملامح التجربة، أن الشعب العراقي وصل الى حالة اليأس، من إتفاق حقيقي بين الكتل السياسية، التي لم تستطع أن تتصافح على الخير، لكن هذا اليأس لم يصل الى مرحلة القنوط، والشعب يضغط بإتجاه إصلاحات وليس تصليحات، مرتكزا في ذلك على قوته الميدانية، وعلى دعم المرجعية الدينة وحكمتها!
الإصلاحات كي لا تكون تصليحات كما هو جار الآن؛ يجب أن تستند على شرعية دستورية وشعبية، حتى تخرج من مربع الرغبات والإرتجال، الى رحاب التخطيط المدروس، ولن يكون هذا ممكنا، إذا ما عمدت الحكومة الى وسيلة اللجان، وقصتها العقيمة، إذ من المعروف؛ أن اللجان ليست بالحقيقة إلا مقبرة للآمال!
إن من بين أهم الأفكار التي يمكن ان ننضجها، بغية الوصول الى إصلاح مدروس بعناية، هي اللجوء الى مؤتمر وطني شامل، يشترك فيه أصحاب الرأي، وكل الحريصين على أن تمضي سفينة العرا،ق نحو شواطيء الطموح، مبحرة في مياه غير مضطربة!
الفكرة سوف لن تروق لكثيرين، خشية من أن يتحول المؤتمر الوطني ،الى مرجعية شعبية ضاغطة على القوى السياسية، وعلى المؤسسات التمثيلية، والمفارقة أن هذا هو بالضبط ما نأمله، من فكرة عقد مؤتمر وطني للإصلاح السياسي..
الحقيقة هي أن المؤتمر الوطني للإصلاح السياسي؛ لا تؤسس لمؤسسة بديلة عن المؤسسات الديمقراطية الشرعية، ولكنها تنشيء فضاءا دافئا، يحتضن كل الفعاليات التي لم تجد نفسها، في المؤسسات الديمقراطية الشرعية، وتقوم بمهمة تصحيح المسارات لتلك المؤسسات، وليس تصليحها!.
إن المؤسسات الوطنية الدستورية القائمة، ليست بمنجى عن الأخطاء أن لم تكن بؤرتها، فأمراض السلطة تتبدى أكثر وضوحا، ومضاءا وتأثيرا في تلك المؤسسات، وهي بحاجة دوما الى من يضع عينه عليها، وليس أدعى من مؤسسة تطوعية، لا تكلف المال العام شيئا، لمراقبة الأداء البرلماني والحكومي والرئاسي، فضلا عن الحزبي والسياسي.
كلام قبل السلام: نعتقد أن فكرة المؤتمر الوطني للإصلاح السياسي؛ فكرة نظيفة من أي مقاصد حزبية أو شخصية، وهي تحتاج فقط الى بضعة رجال يشرعون بالخطوة الأولى، وبعدها سيتزاحم المخلصين إسنادا لهم، وربما لا تجد لك موطيء قدم في رحاب الفكرة!
سلام.
https://telegram.me/buratha