قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
ثمة شارع في إحدى مدن مهلكة آل سعود، يحمل أسم "الخليفة" الماجن الفاسق، يزيد بن معاوية رضي الله عنه!..عرفنا ذلك من صورة للافتة هذا الشارع، منشورة على صفحات الأنترنيت، وهناك مدرسة في الرياض تحمل أسم يزيد أيضا، في حي الحزم على امتداد شارع حمزة بن عبداللطيف، وفي نفس المهلكة في منطقة جازان، هناك مدرسة تحمل أسم أبا لهب.
لا نريد أن نذكر سيرة يزيد، فقد ذكروه هم في كتبهم المعتبرة، فقد قال عنه الذهبي في سير النبلاء: (كان نصابياً، فظاً، غليظاً، جلفاً، يتناول المسكر، ويفعل المنكر، افتتح دولته بمقتل الحسين، واختتمها بواقعة الحرة، فمقته الناس، ولم يبارك في عمره، وخرج عليه غير واحد بعد الحسين، كأهل المدينة قاموا لله، وكمرداس بن أُديّة الحنظلي البصري، ونافع بن الأزرق، وطواف بن معلى الدوسي، وابن الزبير بمكة"
وروي أن الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز، عند ما ذكر رجل عنده يزيد فقال: أمير المؤمنين يزيد بن معاوية، أمر بضربه عشرين سوطاً!
وقال ابن كثير: (وقد كان يزيد فيه إقبال على الشهوات وترك الصلوات في بعض أوقاتها، وإماتتها في غالب الأوقات) ..وابن كثير يكسر ويجبر!
هاك أيضا كتب التاريخ، كالبداية والنهاية لابن كثير، وتاريخ الإسلام للإمام الذهبي، والكامل لابن الأثير. حتى إن محبة ابن خلدون في العبر شحن معهم تاريخه بأحداث ملكه المخزية، وبما ارتكب من المظالم حتى عده كثير من علماء أهل السنة من الفاسقين، وأجاز بعضهم لعنه، منهم القاضي أبو يعلى الذي صنف كتاباً فيه، من يستحق اللعن من الفاسقين وعده منهم.
وألَّف ابن الجوزي كتاباً اسماه "الرد على المتعصب العنيد المانع من دم يزيد" وقال: (سألني سائل عن لعن يزيد بن معاوية فقلت: يكفيه ما به، فقال: أيجوز لعنه، قلت قد أجازه العلماء الورعون، منهم أحمد بن حنبل فإنه ذكر في حق يزيد ما يزيد على اللعنة)، ومن لم يلعنه قال: (لا نحبه ولا نسبه، وله نظراء من خلفاء الدولتين "يعني الأموية والعباسية" وكذلك في ملوك النواحي، بل وفيهم من هو أشر منه، وإنما عظم الخطب لكونه ولي بعد وفاة النبي"صلى الله عليه وآله وسلم" بتسع وأربعين سنة، والعهد قريب، و"الصحابة"موجودون، كابن عمر كان أولى منه ومن أبيه وجده، والقول للذهبي!
نقول في عام 61 للهجرة؛ بدأت معركة صراع قيض له أن يستمر الى يومنا هذا، والى ما يشاء الخالق من قادم الزمان والى قيام الساعة، صراع تاريخي بين منهجين متناقضين كليا في الأصول والفروع، وفي المقدمات والنتائج أيضا.
المنهج الأول هو منهج الحق؛ الذي يمثله من كان الحق يدور مع أبيه، أينما كان يدور يدور، ابو عبد الله (ع) ذلك الإمتداد الطبيعي، لمشروع بناء "الأمة" الأسلامية، بكل تفاصيل معماره البنائي الفخمة، والذي رسمه جده رسول الله صلواته تعالى وسلامه عليه وعلى آله.
المنهج الثاني؛ هو منهجٌ قائم على بناء "رعية" لحكام طغاة، وعلى أن يكون الرعايا عبيدا وخولا للحكام، وأن "يؤمن" هؤلاء "الرعايا"، بأن حكامهم نعمة أسبغت عليهم، وأن طاعتهم واجبة وحق ألهي مفروض.
المحصلة التأريخية تتمثل بأن أربعة عشر قرنا مضت، والصراع بين المنهجين لم يتوقف لحظة قط، وكلما يمر الزمان؛ تضاف الى الصراع عناصر وأسباب إضافية، تُسَعِرَهُ من جهة، وتمنحه وسائل جديدة من جهة أخرى.
كل هذا الزمن الطويل؛ قد مر على ملحمة الطف، ذلك الحدث المفصلي الهام في حياة الأمة الأسلامية، وبكل أبعاد الصراع التي تكتنزها، إلا أن عناصر هذا الصراع بين المنهجين المتضادين المتناقضين، هي هي لم تتغير، فالصراع مايزال دائرا، وليس من المأمول أن ينتهي قريبا، لكننا قد تسلمنا وعدا مؤكدا بأن الزمان لن ينتهي، إلا وتقوم دولة العدل الألهي، التي تملأ الأرض بها قسطا وعدلا، بعد أن ملئت ظلما وجورا.
في عصرنا الراهن، وبرغم غزارة المعطيات المعرفية، الداعمة لمنطق الحق والفضيلة، إلا أن بيننا من يعلنون وبلا مواربة، أنهم الورثة الطبيعيين لراية يزيد بن معاوية ومنهجه، وأن هذا الأنتماء شرف لهم، ويمثل الوهابيون والدواعش اوضح مصداق، على هذه الوراثة التي لا تعني إلا العار والشنار.
لقد أسدى هؤلاء خدمة كبيرة لمنهج الحق، بتبنيهم وراثة يزيد وابيه، وهم بذلك إنما يعطون للصراع بعده الحقيقي، ومصداقيته الواقعية، وأنهم أزاحوا هما عن قادة فكرهم، الذين طالما كرروا: تلك أمة قد خلت، وأننا غير مسؤولين عما فعل السابقون "رضي الله عنهم..!" .
إن طغاة آل سعود وبلا مواربة، يقفون وراء كم الآلام الهائل الذي تحمله العراقيين، لأنهم معتنقي الفكر الوهابي وحاضنته الرسمية، وهم وراء التنظيم الداعشي الإرهابي، الذي أعلن الحرب بلا أقنعة، على مذهب أهل البيت عليهم السلام.
كلام قبل السلام: الحقيقة أن الإقرار العلني، بأنتماء تلك الفئة الى يزيد ومنهجه ليس جديدا، إذ أنه تكرر كثيرا على مر التاريخ، فقط هذه المرة كان الأنترنيت حاضرا، ولو كان الأنترنيت موجودا قبل ألف عام مثلا، لما عجب أحد!
سلام..
https://telegram.me/buratha