قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
نتفوق وبإمتياز على كل دول العالم، من حيث إنتشار الأمراض السياسية المستعصية، فهي عندنا أمراض وبائية، شأنها شأن وباء الطاعون والحمى القلاعية.
علامات الوباء السياسي تبدو على أشدها، في الأحزاب والقوى السياسية، وهي أكثر إستمكانا في المؤسسات التمثيلية، كمجلس النواب ومجالس المحافظات، وفي النقابات وما يسمى بمنظمات المجتمع المددني، وفي سائر عناصر المشهد السياسي.
أحد الأمراض هذه أن الجهات التي أشرنا أليها، تبنت عصبيات متعددة، أما لجهة أو لحزب أو لطائفة، بل وحتى لقبيلة أو"فخذ"، ولا فرق بين فخذ عشيرة وفخذ بغي!
النتيجة الحتمية للتعصب الجهوي، هو أن أبناء العراق؛ تفرقوا وصاروا يتحدثون؛ بأسم ما تفرقوا نحوه، وحتى المطالبات صارت تبعا لتلك التفرقات، وبالمقابل فإن الحس الوطني والشعور بالمواطنة، تراجعت وتنحت فيما تقدمت الولاءات الأخرى، على الرغم من ان مائدة الوطن ننسع للجميع..
من بين أشد ألأمراض السياسية فتكا، هو أن الساسة أو القوى السياسية، لا يبحثون عن المخلص النزيه، للترشيح للمواقع المهمة في الدولة.
السبب في ذلك أن النزيه "المخلص"؛ لا يمكن إلا أن يكون أداة "مخلصة"، لتنفذ إرادات ورغبات "غير مخلصة".
في عرف أغلب الساسة؛ أن من العبث والخسارة تكليف المخلص النزيه؛ لأنه لن يكون أداة طيعة، في أيديهم المعتادة على السُحت الحرام.
تجربتنا للأعوام الخمسة عشر المنصرمة، أثبتت أنه ليس بالضرورة؛ أن تكون شريفاً أو نزيها أو كفوءا؛ لكي تتبوأ منصبا حكوميا، كما أن المبادئ والشعارات أو التاريخ السياسي لا تمثل أهمية؛ في خيارات تسلم المواقع الرسمية في الدولة، بل بدت الصورة وكأنه كلما الظلال القاتمة، تصبغ الشخصية المرشحة لنيل المنصب، فإن ذلك يدفع أصحاب القرار، لتزكية وتكليف تلك الشخصية، ومنحها المنصب هبة خالصة.
في هذا الصدد؛ فإنه لا يهم إن غيرت الشخصية المرشحة، توجهاتها السياسية عدة مرات بالموسم الواحد، ولا يهم إن غير لونه السياسي لأسباب انتهازية، أو حامت حوله شبهات الفساد في وقائع محددة، لأن ذلك سيكون دافعا للقادة السياسيين؛ للتمسك بهذا النموذج المشبوه.
الحقيقة وكمحصلة للوبائية السياسية، فإننا لا يمكننا التمييز بين اللص والسياسي، لأننا نعيش في حفلة تنكرية، لا يمكننا فيها التمييز بين الأثنين، لأننا لا نعرف من تنكر بزي الآخر.
لقد تراجعت الإفتراضات الصالحة؛ لصالح الخيارات السيئة، والصالحون متهمون من قبل جموع اللصوص باللصوصية، وشعار "كلهم حرامية" عنوان هذا الإتهام، فاللصوص يمتلكون وسائل الدعاية والتظليل؛ فيما الصالحين والأشراف لا يمتلكون إلا صلاحهم وشرفهم، ولا يمكنهم الوقوف؛ على أقدام أنهكها طول البحث عن الفضيلة.
العدالة قميص نص "ردن"؛ مفتوق من تحت الأبط؛ تشم منه رائحة "الصنان"؛ لأن من لبسه لم يغتسل منذ زمن طويل.
كلام قبل السلام : الملوث داخلياً لا يستوعب وجود بشر أنقياء..!
سلام..
https://telegram.me/buratha