قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
بيننا وبين لحظة زوال صدام أربعة عشر عاما وشهر، تذوقنا خلالها ولأول مرة طعم الحرية، لكنها مع الأسف لم تكن حرية رخاء، بل كانت في أدنى توصيف حرية دماء..
لقد خسرنا كثيرا من أبناء شعبنا، شهداء وجرحة ومعاقين، مهجرين ونازحين ومشردين في الأصقاع، خسرنا أيضا الذين لم يستوعبوا التغيير، وهم أولئك المشدودين الى الماضي الذي تغير، فوقفوا ضد الحرية وناسها وإشتراطاتها، وها نحن نقانلهم كما قاتلنا الماضي الذي مازالوا ينتمون اليه..
بسبب هؤلاء، كنا نخوض في هذه السنوات الأربعة عشر المنصرمة، غمار معركة كبرى في ثلاث مسارات: المسار الأول هو المحافظة على وجودنا، والثاني هو إزالة آثار الماضي، والثالث يعني بأعادة بناء العراق، بعد أن دمره الماضي الذي إليه ينتمون!
ما كنا بحاجة الى المسار الأول لولاهم، كما أن المسار الثاني؛ كان يمكن أن يكون قصيرا سهلا، بل بوابة للمسار الثالث؛ أي مسار إعادة بناء العراق، لكن هؤلاء وقفوا بقوة بوجه الشعب وتطلعاته.
في المسار الأول؛ وهو المحافظة على وجودنا ووجود العراق، ثمة فهم عند فئة كبيرة من العراقيين، ينتمي أفرادها الى الماضي تكوينيا وعقائديا، هذا الفهم؛ هو الذي أدى في معظم الوقت؛ الى خروج قطارنا عن سكة هذا المسار، لأنهم يعتقدون وبتعال فج؛ أنهم العراق والعراق هم، وأن عراقا لا يحكمونه هم لا يستحق البقاء، أبطال هذا الإعتقاد التعسفي، هم معظم الساسة الذين صادروا قرار المكون السُني الكريم..
في هذا المسار أيضا، ثمة فئة أخرى يعتقد المنتمين اليها، أن وجودهم في العراق، مبني على قاعدة أن على العراق أن يعطي فقط، وأن دورهم يقتصر على أن يأخذون، ولقد كان القادة الكورد في مقدمة هذه الفئة.
في المسار الثاني؛ أي أزالة آثار الماضي، تعثرنا كثيرا؛ ليس لأننا غير قادرين أو غير راغبين، بل لأن الماضي ذاته؛ مازال حاضرا بيننا بمعظم قوته، فهو حاضر بقوته البشرية، التي لم تستوعب الدرس التغييري جيدا، وهي مازالت مؤمنة بأنها على حق، وأن الماضي ليس أثما..فضلا عن أن المنظومة العقائدية للماضي؛ لا تنمتي الى الماضي القريب فحسب، بل هي تمتد سحيقا في تاريخنا..
في المسار الثالث؛ فإن أدوات معركتنا هي الديمقراطية، ودولة الحق والقانون ومأسسة الحياة السياسية، من خلال الدستور، وسن القوانين المصاحبة لبناء الدولة الحديثة، وتصريف مخرجات هذا البناء بعدالة اجتماعية، وبما يشعر المواطن بدوره بعملية البناء، مع تعزيز نزعة الشعور بكرامة حقيقية، عبر بناء منظومة لصيانة حرية التعبير والمعتقد، و وتنمية روح المواطنة التي تكفل الحقوق والواجبات.
كلام قبل السلام: لقد قطعنا أشواطا مهمة، لكننا مازلنا على أول الطريق؛ لأن معظمنا مازال معتنقا لعقلية الوالي والرعية..!
سلام..
https://telegram.me/buratha