حيدر السراي
الكثير ممن يعتقد نفسه الوطني الاوحد من بين ملايين الخونه هو في الواقع يعطي لعقله اجازة طويلة الامد ، وليس قادرا على الجمع ما بين حقائق التاريخ وثوابت السياسة.
كنت قد ذكرت مرارا ان التحالفات السياسية بين الحكومات والدول هي من ثوابت السياسة وان الروابط الفكرية والعقائدية والاجتماعية بين الشعوب والامم ليست بالضد من الوطنية ، ومن المحزن اننا نحتاج لتوضيح الواضحات وذكر الامثلة على هذه الثوابت العقلية والتاريخية.
كمثال بسيط جدا وحدت اوروبا نفسها تحت مظلة كونفدرالية بأسم الاتحاد الاوروبي ، الم نسأل انفسنا ما هو نوع الروابط التي تربط الاوربيين مع بعضهم ؟؟ والتي سمحت بايجاد شبكة طرق موحدة وجواز موحد واقتصاد موحد بل وتحالف عسكري موحد ايضا
الامر لا يحتاج الى تفكير طويل فاوروبا في غالبيتها السكانية مسيحية كاثوليكية ومن يريد ان يخدع عقله ويقول غير ذلك فهو متوهم جدا ، اوروبا قارة لا تجمعها لغة واحدة ولا جنس واحد ، في الواقع ان المشتركات بين الاوربيين لا تعدوا كونها مشتركات دينية وايديولوجية.
لكن في المقابل هل كان الانضمام للاتحاد الاوروبي يعني التخلي عن الثوابت الوطنية لكل بلد من تلك البلدان ، هل سمعتم يوما ان نرويجيا او دانماركيا قال ان الانضمام للاتحاد الاوروبي هو تبعية لاحد ، وهل كان يوصف من يدعم هذا الاتحاد بأنه " ذيل" كما تنتشر هذه التسمية بين اوساط اشباه المثقفين في العراق؟؟.
عندما افتت حوزة النجف بالدفاع ودعم المجاهدين في فلسطين هل كان هذا تدخلا في شؤون بلد اخر ؟؟
هؤلاء الذين يعتقدون ان نصرة الشيعي لاخيه الشيعي في بلد اخر تتعارض مع الوطنية اما انهم سذج الى درجة السخف واما انهم عملاء الى درجة الفتك بابناء المذهب.
الا يفكر هؤلاء الحمقى لماذا يرفض مجلس التعاون الخليجي ان يكون العراق جزءا منه مع انه مطل على الخليج ؟
ان اكثر ما اتعجب منه في هذه الايام هو اتهام البعض للبعض الاخر بأنه ذيل لايران وعميل لها ويعمل بأجندات اجنبية مع ان علاقتنا مع ايران هي علاقة عقيدة ورابطة فكر وتواصل اجتماعية ، وايران لم تطلب تأسيس اتحاد مع العراق لكوننا من نفس المذهب ولم تطالب العراقيين بتأسيس تحالف عسكري ضد مجلس التعاون الخليجي السني ، وكل ما تفعله هو دعم الشيعة في العراق "واقولها من باب الافتراض لانها تدعم كل الشعب العراقي" وكل همها هو ابعاد الضرر عن الاخوة في العقيدة ، والا هل دخلت علينا داعش من حدود ايران ام من بوابة الشر السعودية مالكم كيف تحكمون.
ليست هناك اجندة خفية لايران في العراق بل هناك روابط عقائدية وفكرية واجتماعية لا احد ينكرها ولا نخجل منها ودونكم النجف التي تعج بالاف طلبة العلم من ايران وغيرها ويكفي ان نقول في هذا المقام ان القيادة الروحية للشيعة في العراق هي في الاصل ايرانية الولادة والانتساب المكاني.
ان يخرج علينا قائل ويقول انه غير معني بمساندة حزب الله ضد السعودية وان همه العراق فقط ومحاولة استخدام عواطف الناس والتفاخر بوطنيته المشوهة هو اكثر ما يؤلم النفس ، ويظهر بوضوح مدى الانحراف العقائدي والشلل الفكري الذي يصاب به البعض والذي سيتسبب بضرر بالغ على الامن الستراتيجي للشيعة في العالم.
ختاما اقول ان من يرى الدعم الايراني للشيعة في العراق ولا يرى الدعم الخليجي للاخرين يحتاج الى تغيير في عدساته الفكرية.
https://telegram.me/buratha