قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
أثمرت الأنتخابات النيابية العراقية عن نتائج معقدة، منتجة مشهدا مرتبكا، يحتاج كما يبدو للوهلة الأولى، الى قراءة معمقة للساحة السياسية العراقية، كي نتمكن من إستقراء ما يمكن أن يحدث غدا، لكن هذه القراءة المعمقة يمكن تنحيتها جانبا، أذا أعترفنا بحقيقة، أن كل شيء يمكن أن يكون ممكنا، في عالم لا ثوابت تحكمه، وهو على حد وصف المثل الشعبي" شله وأعبر"..
ثمة حقائق فاعلة لتقرير ما يمكن أن يحدث غدا، أولها أن ترتيب الإئتلافات الفائزة بمقاعد البرلمان، ليس له أهمية كبرى في تقرير شكل التحالفات، ويمكن أن يكون لإئتلاف صغير، تأثيرا كبيرا في شكل الحكومة القادمة.
الثاني، أنه لا يمكن تصور أن الإئتلافات الفائزة، مرغمة على الإلتفات الى الوراء، أي الى مسيرتها في السنوات الماضية، لأنه وفي معظم الأحوال؛ فإن تلك المسيرة لا تحوي كثيرا من دواعي الإلتزام، فهي بالغالب مسيرة عواهنية، ليست منسوجة بحكمة وإحكام، وتفتقر الى الإلزامات الأخلاقية، ومن كانوا أعداءا بالأمس، يمكن أن يكونوا أصدقاءا اليوم.
الثالث، أنه حتى في ضمن الإئتلاف الواحد، يمكن أن نشهد تفككات مهمة، ومن المؤكد أن "الحرد" و"الزعل" و"الترضيات" و"الأتهامات"، ستكون عناوين مثيرة لأخبار الأيام القادمة، ومن المستحيل بقاء إئتلاف؛ مكون من20 قوة سياسية كما بدأ، وستتهدم إئتلافات وتتكون إئتلافات، لأن عيون جميع القوى السياسية، مفتوحة الأحداق على كراسي الوزرات، وما يليها من مناصب تنفيذية، وسـ"يتكالبون" على المناصب التي يسيل لها اللعاب..
ملاحظة؛ التكالب أسم فعل كالب تكالبَ، كَالَبَ، يُكَالِبُ، مصدر مُكَالَبَةٌ، تكالبَ على يتكالب تكالُبًا فهو مُتكالِب، والمفعول مُتكالَب عليه؛ وتكالب الزَّمانُ أي اشتدَّ، وتَكالَبَ الْمُتَخاصِمونَ، أي أَظْهَروا العَداوَةَ وتَجاهَرُوا بِها، وتكالب القومُ على جمع المال؛ أي حرَصوا عليه وتواثبوا كما تفعل الكلابُ، وتَكَالَبَ القومُ؛ أي تجاهروا بالعداوة، وتكالَب الناسُ على الدّنيا، أي اشتدّ حرصُهم عليها حتى كأنّهم كلاب!
ولا يعتقدن أحدنا، أن التكالب السياسي الراهن، ستكون عواقبه هينة، بل سيكون من مؤداه، إضعاف الأحزاب والقوى السياسية مجتمعة، وسينتج حكومة ضعيفة جدا، وسلطة تشريعية هزيلة، لا تستطيع تشريع القوانين المهمة، ولا يمكنها مراقبة الحكومة، فلا يمكن لهزيل مراقبة ضعيف..!
ضعف الأحزاب والقوى السياسية، سيتسبب في شلل السلطة التشريعي’، وسيبعدها عن خصوصية سلطتها، ويجعل من النواب، فيما عدى قليل منهم، مصابين بداء التكالب على السلطة التنفيذية، محولين مواقعهم بالسلطة التشريعية إلى مواقع نفوذ؛ تستغل في الحصول اللاشرعي، من امتيازات مادية، تساهم في تنميط الفساد، كسلوك إجتماعي و سياسي عادي..
كلام قبل السلام: الأربع سنوات القادمة، ستكون الدولة فيها أكثر فسادا، من السنوات التي سبقتها، وسنترحم على سنة 2014، التي مضت بدون موازنة، وانفقنا فيها 110 مليار دولار، لا نعرف في أي جيب دخلت..!
سلام..
https://telegram.me/buratha