قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
في الثاني عشر من أيار 2018، سنكون بمواجهة "تطبيق" ديمقراطي جديد، هو السادس في لجربتنا السياسية الجديدة، التي أطلقت عمليا في مثل هذا اليوم من نيسان 2003، حينما أُزيح كابوس الفردانية وحكم الحزب الواحد؛ هذا التمرين أو "التطبيق" الجديد، يحتاج الى "إعدادات" خاصة، و"برنامج" يتوفر على "خصائص" و"ميزات"، تتناسب مع "حجم" التحديات.
الدعاية للإنتخابات النيابية الحالية، بدأت هذه المرة بشكل مبكر، ربما أبكر كثيرا من توقيتات الأنتخابات ذاتها، فقلد بدأت حروب السياسة بمختلف أشكالها، لا سيما مع فقر الثقافة السياسية، التي تنطوي فيما تنطوي عليه، على أحترام القوى السياسية بعضها البعض، وأن تنظر الى المال العام بقدسية، وبالأخص تلك المشتركة في الحكومة..
مؤشرات ومعطيات الأيام التي مضت، وهذه الأيام، وربما أيام ما بعد الأنتخابات؛، تثبت لنا أن أيسر سبيل في حروب الساسة، لكي تبدو بيوتهم عالية، فإنهم يعمدون الى هدم بيوت غيرهم، لا أن يزيدون في بيوتهم علوا، ولذلك ووسط هذا الصخب الدعائي والإعلامي المبكر، نشطت حروب الساسة البينية، وسنسمع أو بدأنا نسمع، ما تشيب له رؤوس الولدان.
لقد أنجزنا ومنذ التاسع من نيسان 2003، أشياءا كبيرة، فلدينا دستور صالح لبناء دولة مؤسسات، لكن جرى الإلتفاف عليه؛ وتعطيله بوسائل سياسية، كما أننا أنجزنا عدد من تمارين الديمقراطية، كان يمكن أن تؤهلنا لأن نمضي قدما، في عملية سياسية قائمة على هذا الأساس، لكن التوافقات السياسية لعنة الله تعالى عليها، وعلى من أوجدها وعلى من ثبتها منهجا للحكم؛ منعت التأهيل.
في العرض؛ أننا بتنا أكثر وعيا بأن صناديق الاقتراع، أفضل طريق لتغيير الأوضاع في العراق، وتأكد لنا أن البديل عنها، واحد من ثلاثة بدائل، ليس فيهما واحد ليس مرا، الأول هو أن يبقى الوضع على حاله، وسنذهب بأرجلنا الى خراب أكثر، والثاني أن يحمل جميع العراقيين خناجرهم بأحزمتهم، والثالث أن يتحكم بنا ثلة من السياسيين؛ يتقاسموننا غنائم!
في العرض ايضا؛ ثمة أصوات تعمل على جرنا، الى متاهة الإضطراب الدائم، من بينها تظاهرات ومقالات وكتابات، وتصريحات هنا وهناك، لكن أخطرها ما يتحدثون به، عن عدم شرعية العملية السياسية برمتها.
في هذا الصدد، ولأننا دولة تسير حثيثا بإتجاه الديمقراطية؛ فلكلً الحق أن يقول ما يشاء، ويصرح بما يشاء، لكن ليس له أن يتصرف؛ على أنه وحده من يمتلك الحقيقة!
في الأنتخابات الحالية؛ سنواجه تحدي تحديد الهوية، الذي بقي صلبا صلدا صمدا، لم يتزحزح عن مكانه، وسيبقى قائما ما بقي العراق، وبعد كل الذي مضى؛ من عمر تجربتنا السياسية، فإننا بحاجة أكثر من أي وقت مضى الى تحديد هوياتنا، لأن أي منا يمتلك عددا من الهويات الفرعية، التي يقف عاجزا في أحيان كثيرة؛ عن تحديد أولوياتها، لعدم إمتلاكنا مهارة الاختيار واختبار البدائل، واتّخاذ موقف واضح ومعلّل.
في هذا الصدد، لعل الإنتخابات واحدة من أهم وسائل بناء الهوية، وتحديد قيمها، وبناء منظومتها، وتأصيل أولوياتها.
كلام قبل السلام: السنوات التي مضت، لم تمض سدى، فقد كنا فيها في مختبر كبير، تكسرت فيه على رؤوسنا كثير من "قحوف السياسة"!
سلام..
https://telegram.me/buratha