قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
الجهة المشرفة على الأنتخابات، والتي أكره أسمها كرها شديدا، لأسباب موضوعية، أهمها أنها تحمل صفة كاذبة ألصقت بأسمها، وهي صفة"المستقلة"، فيما هي لا "مستقلة" ولا خم يحزنون، فهي وليد مسخ للتوافق السياسي الداعر، بين الكتل السياسية الكبرى، ثم أنها أستولت على حق ليس لها، وتحولتبقدرة قادر، هي الضابط للحياة السياسية في العراق، تجيز أحزابا حى لو كانت بعثية، وتقبل أشخاصا مترشحين حتى لو كانوا سماسرة وعاهرات..!
تحولت "المفوضية الامستقلة"، وبفضل ضعف مجلس النواب الى جهة تشريعية، وما لبثت أن أكتسبت قراراتها وتعليماتها صفة القانون، ولهذا فهي ليست مضطرة يوما ما؛ لإيضاح الأسباب التي جعلت بموجبها، عملية أنتخاب مجلس النواب، ومجالس المحافظات، تجرى بأزمنة مختلفة لكل منها، لكن الذي نعلمه أن هذا الإجراء، يبقى الأجواء السياسية ملتهبة، على مدار الوقت الأنتخابي بين إستحقاقين، وتحولت الأنتخابات خلال هذا الوقت المتوتر، الى عنصر ضغط وتأزيم على العراقيين.
في هذا الصدد؛ وأذا أردنا ان نتعامل مع هذا الواقع بنوايا سليمة، أي دون أن نتبنى عقلية المؤامرة، فإننا نستطيع أن نصف هذا الخيار بالغباء، ولعل من أعظم البلاءات التي ابتليت بها العملية السياسية، هو صفة الغباء في معالجة القضايا، سيما المعقدة منها، وقديما قيل: يريد الأحمق أن ينفع فيضر، فكانت أضرار سياسة الغباء في المعالجة عندنا؛ أكثر من تحتمل!
الحقيقة التي يجب أن تقال بفم مملوء بالحروف؛ هي أن إجراء إنتخابات مجالس المحافظات ومجلس النواب على دفعتين، يفصل بينهما سنتين، مصداق حي على الغباء السياسي، وإذا قيل أن الغرض من هذا الإجراء، كان "فسحة" من الوقت، تجعل "مفوضية" الأنتخابات، تتصرف على راحتها لتنظيم إنتخابات، تتوفر مخرجاتها على الحد المقبول من المعايير، فإن النتيجة السلبية، هي أن الفاصل الزمني بين العمليتيتن، أوجد مجالس محافظات ومجلس نواب وحكومة، ليست منسجمة مع بعضها!
نتاج هذه "الفسحة الزمنية"؛ هو أن الحكومة وفي كل الدورات الأنتخابية السابقة، ومنها الدورة الحالية؛ بنيت على مبدأ التوافق السياسي، فيما بناء مجالس المحافظات، ترك لحسابات القوة الإنتخابية الميدانية، وهذا يعني أن مجالس المحافظات، أكثر تمثيلا للشعب من الحكومة ومجلس النواب.
تلك مفارقة أن يكون "المحلي" منسجم مع نفسه ، فيما "الوطني" صريع الأختلافات، التي ما لبثت أن تفجرت الى خلافات، كما هو حاصل الآن بين الكتل السياسية.
من نتائج تلك المفارقة؛ أن يحصل تنافر واضح وكبير، بين مجالس المحافظات والحكومة، إنعكس على التخصيصات المالية للمحافظات، وعلى منح الصلاحيات، حيث تمسكت الحكومات بالمركزية المفرطة، الأمر الذي اثر تأثيرا سلبيا ومباشرا، على الخدمات المقدمة لمواطني المحافظات، وبدت الصورة أن الحكومة المركزية بعيدة جدا عن المحافظات..
المعظلة التي تناولناها في هذه المقاربة، لن تحل؛ إلا بإجراء إنتخابات مجالس المحافظات ومجلس النواب دفعة واحدة، لنشهد بعدها حدا مقبولا من الأنسجام، وهذا ما لم يحصل وربما لن يحصل في قادم الأيام، لأن بقاء الحال في مصلحة المفضية ذاتها، حيث يشكل إستمرار إجراء أنتخابات، أي أنتخابات حتى لو كانت أنتخابات سوق الصفافير، مبررا لأستمرارها بنهش لحم العراقيين، بمئات الملايين من الدولارات، وبسفرات ترفيهية الى دول العالم، وبجاه ونفوذ وأموال ومناصب، ما أنزل بها شيطان الأنتخابات من سلطان!...
كلام قبل السلام: صحيح أن نظامنا السياسي الحالي، زرع الأمل في البداية، عندما جرت سلسلة عمليات ديمقراطية صرف،ة تشي بمستقبل واعد؛ لكنه سرعان ما خيب الآمال، عندما استعان بأدوات ليست صالحة..!
سلام..
https://telegram.me/buratha