قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
ونحن نمضي قدما في العملية السياسية، التي أخترنا الديموقراطية سبيلا لها، ثمة أسئلة متعدد تنتح عن هذا الخيار، معظمها تتعلق بمساويء الديمقراطية ذاتها.
فالديمقراطية ليست خيرا مطلقا، وهي شأنها شأن أي نشاط بشري، لا بد أن ترافقه أخطاء، ونتائج عرضية ليست مرغوبة، او سيئة حتى!
ثمة من يذهب الى أن الديمقراطية هي مرض بذاته، إذ أنها تسمح للناخبين السيئين، أن ينتخبوا الأسوأ من بينهم ليمثلهم!
من المؤكد أن هذا الطرح؛ سيجابه بقوة من كثيرين، بعضهم من أولئك الطوباويين، الذي يحلمون بدولة بلا أشرار تنتجها الديمقراطية، بعضهم الآخر هم الناخين السيئين وممثليهم، الذين ستجأر عقائرهم ، متوجعة بالتهميش والإقصاء.
لكي نحل هذه الإشكالية، يتعين أن نوجد توصيفا للناخب السيئ، حتى لا نقع في مطب إدعاء ،مصادرة حقوق هذا المكون أو ذلك، وباقي البكائيات التي مللنا سماعها.
الناخب السيء؛ هو الذي يسير الى صناديق الإقتراع؛ محكوما وليس حاكما، فيختار ممثلين عنه ليس لكفائتهم أو نزاهتهم، ولا لقدراتهم أوماضيهم الحسن، وليس لكونهم أفضل ما موجود في قوائم الترشيح، بل يختار لأنه يجد فيهم قدرات على مقارعة ومناكدة الآخر.
الآخر الذي نعنيه، أما جماعة سياسية منافسة، للجماعة التي ينتمي اليها الناخب، أو مكون إجتماعي مختلف، لديه تضاد مع مكون الناخب، أو عقيدة دينية مخالفة، أو حتى مذهب من نفس دين الناخب، ولكنه مختلف فقهيا!
هذا ما فعله الناخبون السيئون، من المكونات المختلف مذهبيا في العراق! برغم أن الخيارات المبنية على الإختلاف مع الآخر، لها تداعياتها السلبية، وهي جزء من مشروع تفكيك الوطن، إلى فئات متناحرة ليس بينها رابط حقيقي.
ولأنه لدى القيادات الشيعية الدينية ضوابط، يمكن من خلالها، تعيين السيء من الحسن الى حد مقبول، وبضمن هذه الضوابط التوجيهات التي صدرت عن مراجع المذهب، بضرورة إختيار الأصلح، فإن الناخب الشيعي المرتبط بالمراجع الدينيين، سينتخب ساسة يتوفرون على حد معقول من الصلاح، وإن كان ذلك لا ينطبق على جميع الساسة الشيعة، لكن الضوابط والكوابح المذهبية من الشدة والقوة، بحيث تجبر النائب الشيعي، على البقاء في الحد المعقول من الصلاح، على قاعدة "المجرب لا يجرب" والتي باتت معيارا مرجعيا لهم.
هذه الضوابط والكوابح؛ ليست متوفرة الى حدما مع الأسف، لدى أبناء المكون الستي الكريم في العراق، بنفس القدر الموجود لدى أخوانهم شيعته، لأسباب تتعلق بالبنية المرجعية للمكون السني، وعدم وجود مرجعيات دينية بارزة، فضلا عن الأسباب الفقهية، التي تجعل رجال الدين خاضعين لتأثيرات الساسة، إبتناءا على عقيدة طاعة الحاكم بر أو فجر!
صورة عملية من هذا الإختيار السيء، هو بعض نواب المكون السني الكريم، الذين كانت وما تزال، مهمة تعميق الإختلاف، والإنقسام بين أبناء الوطن الواحد، شغلهم الشاغل، سواء في مجلس النواب، أو عبر وسائل الإعلام، في وقت يخوض أبناء الوطن؛ حرب وجود وبقاء، مع عصابات داعش التي لم تستثن بإرهابها أحد!
إن من كانت خياراتهم على إيقاع الطائفية، سواء أكانوا سنة أو شيعة، فليتحملوا كل ما يصدر عن تلك الخيارات، من بذاءات وتطاول على الوحدة الوطنيّة،
كلام قبل السلام: أسوأ عيوب الديمقراطية؛ هى أنها تمنح أعداءها حق حرية الكلام، وحرية الحركة بالتساوى مع محبيها !
سلام...
https://telegram.me/buratha